قال أبو الحسن عريب بن سعيد الكاتب عفا الله عنه وعنا.
هنا كتاب جعل مذكرا بأوقات السنة وفصولها [وفوصلها] وعدد الشهور وأيامها ومجاري الشمس في بروجها ومنازلها وحدود مطالعها
وقدر ميلها وارتفاعها [وارتفعها] واختلافها في الظل عند استوائها وتصرُّف الازمان وتعاقُب الايام بالزيادة والنقصان وفصل البرد
(1)
والحرّ وما بينهما من التوسُّط والاعتدال وميقات كلّ فصل وعدد أيامه علي مذهب أهل التعديل والحساب ومذهب الأوائل من الاطبّاء
الذين حدُّوا الأزمنة والطبائع إذ كان بينهم في فصل السنة اختلاف سيأتي عليه الاستجلاب ويقع في موضعه من هذا الكتاب إن شاء الله
وذكر ما لا غناء عنه للناس من معرفة الزراعة وحين الغراسة وتعاهد كثير من أسباب الفلاحة وإمكان جبي الثمارات وضمّ الذخر
والاقوات وابتداء نضج الفواكه ومواقت النتاج وغير ذلك من مرافق الناس ومصالحهم والازمنة التي [الذي] توافق تنقية أجسامهم
بالدواء والفصد واوقات جمع العقاقر والبزور وعمل الادوية والأشربة والمربَّبات في
(2)
اوانها وحين امكانها وعلم تصارف الرياح ومذاهب العرب في الانواء والامطار إذ كانت تعني بها وتحتاج [ويحتاج] الى تحديد مطالع النجوم
ومساقطها والممطر والمُخْوِي منها لتقلُّبهم في الطلب للمعاش والانتقال الي مواضع المياه فكانوا مع طول الارتصاد والارتكاب
وكثرة التعاهد والاهتبال قد جربوا أوقات الأنواء والامطار عند تنقُّل الكواكب من الطلوع الى السقوط وزعموا انه لا بدّ لنوء
كلّ كوكب من مطر او برد او ريح او حرّ ونسبوا ذلك الى الغارب دون الطالع وحصلوا ما كان منها مختبرا بالقطر وغير خائب النوء
[النوا] والمطر إناثا وذوات نتاج ومالا نوء له ولا مطر
(3)
ياتى معه ذكورا لا تنتج [ينتج] ونحوسا لا تنفع فإذا لم يكن في نوء النجم مطر قيل اخوي نجم كذا وحدُّوا لكل منزل من منازل القمر
حدَّا يكون النوء فيه واياما وسمّوا لامطار تلك الانواء باسماء تعرف بها وقسموا [وقسما] منازل القمر على فصول [فصل] السنة ليعلم
مواقت انواءها ومعني النوء سقوط احد المنازل في المغرب مع الفجر فيقال ناء ذلك النجم للغروب أي مال قال الله عزَّ وجلَّ ما إنَّ
مَفاتِحَه [مفاتحا] لَتَنُوءُ بالعُصْبة أُولِي القُوَّة
1 أي لَتميل [ليميل]
(4)
بها مِنْ ثقلها، ومنازل القمر ثمانية وعشرون منزلا يبدو منها للناظر
14
منزلا [منزل] ويخفى 14 منزلا فكلَّما غاب من هذه المنازل الظاهرة واحد في المغرب طلع في الساعة
2
رقيبة من المشرق وسقوط كلّ
منزل منها على ثلاثة عشر يوما ما خلا الجبهة فانها تسقط على 14 يوما وكذلك ينقضي عدد أيام السنة ويسقط بانقضائها [بانقضياها]
جميع الثمانية والعشرين
3
منزلا [منزل] ويرجع الامر الي المنزل الأوّل في اوّل السنة التالية [الثالثة] بتدبير العزيز الحكيم
فذكرت العرب سقوط هذه المنازل في المغرب انواء
(5)
ردّدوهـا [ردده] في اشعارهم واخبارهم [واخبراهم] وجعلوها [وجعلوا] علامات لامطارهم وارياحهم وتقلُّب ازمانهم كما جعلوا الرياح
اللوافح والسحاب المخيلة والبروق الجنوبية علامات
4
للامطار وبُشُرًا [نشوا] بين يدى رحمة الله عزَّ وجلَّ فاستبشروا بريح....
5
[بريح الجنوب...وتمنوها وحمدوا] السحاب التي تنشو منها وكرهوا ريح الشمال وسمّوها محوة لانها.....
6
[تمحو السحاب] وكانوا إذا راوا البرق لامعا من جهة الجنوب
وما والاها استبشروا بالسقى ووثقوا بالسقيا معه واذا لمع من جهة الشمال
(6) سمّوه ...
7
[خُلَّبا] واذا
8
راوا الحمرة في الافاق عند طلوع الشمس وغروبها مع سحاب
9
.....[متكاثفة or كثيفة] استبشروا بها [به] للخصب واذا راوا الحمرة بغير سحاب او مع يسير منه توقَّعوا معها الجدب والامر لله الواحد القهّار،
ذكْر فصول السنة ومواقيتها وعدد ايامها ومذاهب العلماء في تفصيلها وتحديدها،
السنة الشمسية تنقسم عند العرب واهل الحساب على اربعة ازمان معتدلة الحدود مستوية الاقسام فاوّلها الربيع وله
(7)
من السنة رُبعها وذلك ثلثة أشهر ومن الايام أحد وتسعون يوما وثمنان ونصف وحدُّه من وقت طلوع الشمس باوّل الحمل الى خروجها
من برج الجوزاء وله من منازل القمر سبعة وهي النطح والبطين والثريا والدبران والهقعة والهنعة والذراع ومطره يسمَّى صيفا
ويسمى اخره * الدَفَئِىّ والدَثَئِيّ [الدافي والداثي] ثم القيظ وله من السنة رُبْعها وذلك ثلثة اشهر ومن الايام احد وتسعون يوما
وثمنان ونصف ثُمْن [نصف وثمن] وحدُّه من وقت حلول الشمس باوّل السرطان الى خروجها من برج العذراء وله من منازل القمر سبعة
وهي النثرة والطرف والجبهة والزبرة والصرفة والعوا والسماك الاعزل ومطره يسمّى الحميم وبسمي الرمضى والشمسى ولهذا [ولهذه]
(8)
الفصل خمس وغرات وهي حرور تشتدُّ في اوقات منه وذلك عند طلوع الثريا وطلوع الدبران وطلوع الشعرا وطلوع الجوزاء وطلوع سهيل
فاذا طلع السماك
10
الرامح ذهب بالوغرات، ثم
11
الخريف وله من السنة ربعها وذلك ثلثة أشهر ومن الأيام احد وتسعون يوما وثُمْنانِ
ونصف ثُمْن وحدُّه من وقت حلول الشمس باوّل الميزان الى خروجها من برج القوس وله من المنازل سبعة وهى الغفر والزبانة والاكليل
والقلب والشولة والنعائم والبلدة ويسمى مطره الوسمى [والوسمي] لانه يَسِمُ [يسيم] الارض بالنبات ويسمَّى اخره الولى،
ثم
12
الشتا وله من السنة رُبْعها ونلك ثلثة اشهر
(9)
ومن الايام احد وتسعون يوما وثُمْنان ونصف ثُمْن وحدُّه من اوّل حلول الشمس برج الجدي الى خروجها [خروجه] من برج الحوت وله من منازل
القمر سبعة وهى سعد الذابح وسعد بلع وسعد السعود وسعد الأخبية
13
والفرغ المقدّم والفرغ المؤَّخّر والبطن ويسمَّى مطره ربيعا
والعرب تسمّى المطر أيّ وقتٍ وقع فيه ربيعا وفي هذا الفصل ثلت عقارب يشتدُّ فيها البرد فالعقرب الاولي [الأول] في استهلال الشهر
الذي يهلُّ في نونبر [نوننبر] والثانية في استهلال [استهلل] الشهر الذيي يهلّ في دجنبر والثالثة في استهلال الشهر النى يهلُّ في ينير،
والاوأئل من علماء الطبّ والفلسفة [الفالسفة] يقسمون السنة على اربعة
(10)
اوقات غير معتدلة ويقضون بان القيظ
والشتا أَطْوَل زمانا وأزْيَد مُدَّة من الربيع والحريف ويحدّون للقيظ اربعة اشهر وللشتا اربعة اشهر وللربيع شهرَيْن وللخريف شهرَيْن
* اذ كانا وسيطَيْن [إذا كانوا وسيطتين] بين الحرّ والبرد وليس في مُدَّتهما [مدتها] طول ولا في زمانهما [زمانها] اتّساع وسياتى جميع
ذلك مفسّرا في مواضعه وموقَّتا لحدوده إن شاء الله فالشمس تقطع [يقطع] السماء في سنة وتقوم في كلّ برج شهرا وفي كلّ منزل من
المنازل ثلثة عشر يوما والقمر يقطع السماء في شهر ويقوم في كل برج ليلتين وثُلْث ليلة [ليلا] وفي كل منزل ليلة ويقطع المنازل
في استسراره كما يقطعها في ظهوره فعدد ايام السنة على قطع الشمس للفلك،
(11)
ثلث مائة وخمسة [وخمس] وستّون يوما [يوم] ورُبْع فينجبر من هذا الربع يوم واحد في كل اربع [أربعة] سنين تزيده العجم في دجنبر
فيكون من اثنين * وثلثين يوما فتسمّى [وثلثن يوم فيسميه] الروم حينئذ السنة كبيسة ويزيده السريانيون في سباط فيكون من تسعة
وعشرين يوما [يوم] وعدد ايام
14
السنة على الأَهِلَّة
15
ثلث مائة واربعة وخمسون يوما وثلثة [وثلث] اعشار وثُلْثا عُشْر
16
فتزيد السنة الشمسية على القمرية عشرة ايام وثمانية اعشار وخمسة اسداس عُشر يوم، والقمر يسمّى في اوّل ليلة طلوعه وفي الثانية والثالثة
هلالا ثم يسمّى قمرا [قمر] الى اخر الشهر ويسمّى عند كماله بدرا،
(12)
لمبادرته الشمس بطلوعه ويقال سُمّي بدرا لكماله وامتلائه كما سُمِّيَت البدرة [لمبادرة] من المال لكمالها والعرب تسمّى ثلث ليال
من الشهر باسم على حسب * عمل القمر [العمل قمر] ومحلّ الليالي من العدد فيقال في اوّلها ثلث غُرَر وثلث نُفَل وثلث تُسَع وثلاث عُشَر
وثلث بيض وثلث دُرَع وثلث ظُلَم وثلث حنادس [حناديس] وثلث دَآدِئ وثلث محاق وتحمد العرب المطر [للمطر] وقت الاستسرار والاستهلال
ووقت انتصاف الشهر، ثم نذكر الشهور العجمية
(13)
وما يوافقها من البروج والمنازل وما لكلّ شهر من الايام ومكانه من الازمان وطبعه وما يصلح استعماله فيه وما لا غناء لكلّ احد من
معرفته وارتقاب وقته من مرافق الناس ومصالحهم في أبدانهم واقواتهم فاوّل سنة العجم ينير وهم يؤَرّخون على تاريخ الصفر واوّل
سنة السريانيين [السريانين] تشرين الاوّل وهم يؤّرخون على سنى الاسكندر ذي القرنين وانَّما جعلت النصارى ينير اوّل تاريخهم إذ كان
الاول منه بقولهم سابع ميلاد المسيح عليه السلام
17
ويوم ختنه، وقد ذكرتُ في هذا الكتاب جميع اعياد العجم ليكون [ليكن] ذلك زيادة
في المعرفة وعونا على الدلالة
(14)
وللعجم عيد الفصح ويسمّونه قيامة المسيح ويتقدّمه صومهم واوّل اوقات كون الفصح عندهم الثاني والعشرون من مارس لا يتقدّم قبل ذلك
بيوم واخر أوقاته اليوم الرابع والعشرون من ابريل ولا يتأخّر بعد ذلك بيوم ويكون ابدا (؟) صومهم قبل الفصح باثنين واربعين يوما
والفصح فطرهم واكبر اعيادهم ولا يكون الّا في يوم الاحد، وبنيتُ اشهر السنة جداول على ما حددتُ بعد هذا لعدّة الايام التي يقع فيها
الحوادث وضمنتُ [وضممت] ذكرها واخبرت باجتلابي لاوقاتها ليسهل استخراج ذلك ويقرب معرفته ويرى في موضعه واضفتُ الى اوائل الشهور
(15)
واواخرها ما لا ينظم على يوم بعينه ولا يدخل في ثقاف جدوله ممّا ياتي في جملة ذلك الشهر في اوقات مختلفة منه وبالله التوفيق والتسديد ان شاء الله،