Khayr al-Dīn ibn Ilyās, Kitāb Falāḥ al-fallāḥ, ‘The Successful Farmer’.
(transcription of manuscript No. 894, King Saud University Library, Riyadh)



البابــــــــ الثانــــــــــــــى

فى حفر الابار اعلم ان احسن اوقات حفر الابار وتنحيرها عند طلوع سهيل لان المياه تفور فى ذلك الوقت واما وضع ابنيتها فعلى التثليث والتربيع والتدوير وهو الاكثر بالمدينة المنورة وينبغى فى حفر الابار اذا رايت الارض صلبة ان توسع استداره البئر باكثر من المقدار المعهود للبير فان كانت الارض رخوة ينبغى ان يضيق ويعمل فى حفرها بالنباطى قليلا قليلا ولا تستعجل الحفارون فى العمل بل يتمهلون جهدهم ويمسكون عن الحفر ثم يَعودون اليه الى ظهور الماء فاذا ظهر الماء ينبغى ان يوسعوا مواضع الينابيع وسطوحها تسطيحا على الارض ويعملوا في التراب الصلب ضد ذلك فاذا بلغوا الماء فينبغى ان يكفوا عن العمل ساعة نبعه وياخذوا شيئا من الماء فى كوز ويذوقوه فان كان حلوا فيعملون وان كان متغيرا يمسكون عن العمل ويصعدون عن البير ويعيدون ذوق (٩) الماء فان كان متغيرا فلينظروا الى تغييره فان كان الى الملوحة يتمون العمل وان كان فيه مرارة يكفون عن العمل ويغطون البئر وينصرفون الى غد ثم يعودون الى العمل كما كانوا فيتمونه فان وجدوا للبئر بخارا باردا عند عودتهم الى العمل من الغد واي بئر وجد النازل اليها بخارا رديئا ينبغى ان يشعل شمعة وتدلى الى البئر فان انطفت ينبغى ان يشعل سراجا او نفاطة بغير نفط ولا زيت بل ببعض الادهان التي تشعل بها النار مثل شحم البقر وشحم الغنم وغير ذلك فان انطفا السراج فاعلم ان بخار هذه البئر خبيث فاشعل السراج بودك الخنزير او بودك شحم الماعز الذكر فان انطفا السراج فالصواب ان تعطل هذه البئر فان بخارها قاتل فلا يدنو منها حفار ولا غيره وقد ذكروا ان الانسان يعيش حيث تبقى النار ولهذا كان من اراد الدخول الى بعض الاهرامات ونحوها يقدم امامه سراجا فان بقى تبعه والا تركه وكثيرا ما يظهر عند الحفر ملوحة الماء وذلك لتعدد المنابع فيها فليعتبر كل منبع منها فان وجد بعضها حلوا فهو مخير بين ضرب الخابور فى المنبع المالح او سده بنحو اللاقون وان كانت معينا لا يتسير٧ لك الوقوف على تعداد المنابع كان لك التخيير بكثرة الجيد منها وان كانت لسانية فالمداومة ماثورة البتة وقد ذكر المرجانى (١٠) المؤرخ عن بن جريج قال سمعت ان خير وادٍ على وجه الارض وادى مكة وخير بئر على وجه الارض بئر زمزم وشر وادٍ على وجه الارض وادى حضرموت وشر بئر على وجه الارض بئر برهوت وحضرموت شرقى عدن موضع حضر فيه صالح عليه السلام الموت ومات فيه فسمى بهذا الاسم انتهى قلت واما سكانها فمن اصلح اهل الارض واحسن الناس سمتا وقد ذكر الشيخ ابو الحسن البكرى فى تفسيره فى قوله تعالى وان منكم الا واردها قال يستثْنى من ذلك اهل حضرموت لانهم اهل ضنك في معيشة وهى احدى القريتين التي تسمى احداهما تريم وهى تنبت الاولياء كما ينبت البقل واهلها اهل رياضة وبها نخل كثير وقوت اهلها التمر وكان فيها عيون كثيرة ومعن بن زائده احد الاجواد سدها عليهم والزمهم لبس السواد فعد ذلك من سيئاته وحكى ان بعض المغاربة جاء اليها فى زمن السلطان بدر الكثيرى واراد فتح عيونها فمنعه من ذلك خوفا عليها من الروم لانه ليس على وجه الارض اعدل هواء وتربة منها وليس بعد الحرمين والقدس افضل منها كما يقال ويقال ان بمقبرتها جماعة ممن شهد بدرا مع النبى صلى الله عليه (١١) وسلم ويقال ان ابا بكر الصديق رضى الله تعالى عنه دعا لها بكثرة الصالحين انتهى قلت واستثناء الشيخ اهل حضرموت لم اقف له فيه على مستند وذلك لا يمكن القطع به الا بتوقيف واحسن ما رايت في هذه الاية قول جلال الدين السيوطى فى حديث حظ المؤمن من النار اى من الورود المذكور وهو من الحسن بمكان عظيم واهل حضرموت هؤلاء لم يكونوا داخلين تحت طاعة امام اليمن بل لهم ملك مستقل من آل كثير والسلطان بدر المعروف بابى طويرق وهو اول من ظهر ودخل تحت وطأته الشجر وكان في اوائل المائة العاشره ومات بمكة وهو ابن عبدالله بن جعفر بن السلطان عبدالله وعبدالله هذا هو اول من تسمى بالسلطان وضربت بين يديه الطبول من آل كثير وهو ابن على الذى هو اول من ملك من آل كثير ظفار وهو ابن عمر بن جعفر بن بدر بن محمد بن على ابن كثير وهم من بنى طنه وبنوا طنه يرجعون الى بنى حرام وبنوا حرام من آل قحطان ••




Notes


٧يتيسر