Ibn Baṣṣāl, Kitāb al-qaṣd wa’l-bayān.

[P.39] الباب الاول في ذكر المياه

اعلم ان المياه التي تغذو النبات ويصلح بها اربعة اصناف وهى ماء المطر وماء الانهار وماء العيون وماء الآبار، ونحن نتكلم عن كل صنف منها على حدة ان شاء الله.

فصل فاما ماء المطر فهو افضل المياه واحمدها يجود به جميع النبات من الخضر والثمار وغيرها وذلك لعذوبته ورطوبته واعتداله تقبله الارض قبولا حسنا ويغوص فيها بجميع اجزائه ولا يبقى له على وجهها اثر وهو يوافق الخضر التي تقوم على اصل لطيف، وتألف الهواء مثل الاكرنب والبقل والباذنجال وما اشبه ذلك موافقة حسنة جدا لان طبعه مُشاكل لطبع الهواء ومضارع له.

فصل: واما مياه الانهار فانها تختلف فى طبائعها باليبوسة والرطوبة والحروشة واللين وهى بجملتها صالحة موافقة لجميع الخضر والنبات كله والقرع والباذنجال والبصل والثوم والكرات والجزر والفجل واللفت والمقاثى وجميع الرياحين كلها جملة الا ان من شان ماء النهر ان يذهب برطوبة الارض فلذلك يحتاج1 ما ذكرناه من الخضر والرياحين ذوات الاصول الضعيفة الى  الزبل الكثير مع ماء النهر لضعف اصولها وقلة اجتذابها الرطوبة لضعف ذهابها تحت الارض وهى محتاجة الى  الماء النافع فى ثلاثة اوقات من السنة فى فصل الشتاء والخريف والربيع، وذلك انه من فصل الشتاء يحرك الخضر بدفئه ورطوبته الا ان كان للخضر زبل كثير {P.40} فلا يحتاج اليه، واما فى الخريف والربيع فان الخضر تصلح بالماء النافع صلاحا بينا.

فصل: واما مياه العيون والآبار العذبة الحلوة فهى موافقة لجميع الخضر وجميع ما يزرع فى الجنات من دقيق وجليل وهذا الماء فى طبعه ارضى ثقيل بخلاف ماء المطر وهذا الماء يوافق من الخضر ما له اصل مثل الجزر والفجل واللفت، لان هذا النبات يوافق الارض وهو مشاكل لمياه العيون والآبار ملائم له، لا يتم صلاحه الا به كان ارضه ثريا بماء المطر او لم يكن لا بد له من السقى على كل بماء العيون والآبار، فان عدمها فبماء النهر، ويزعق بها منه، وهذا الماء متقلب مع الفصول، فهو يكون عند شدة برد الهواء دفئا لينا يحرك الخضر اذا سقيت فى هذا الفصل وهى قد توقفت من شدة البرد وكذلك يصلحها فى فصل الحر وشدته ببرده فى ذلك صلاحا بينا، وفى هذا الماء لزوجة وبورقية يظهر ذلك منه اذا سقى به نبات فيبقى منه على وجه الارض تلك البورقية وليس يعرض ذلك فى ماء المطر، ولا فى ماء النهر، وسنذكر ذلك فيما يأتي بعد هذا ان شاء الله تعالى



 

1بالاصل "من"

 

 

تسمية أبواب هذا الكتاب وهي ستة عشر بابا الباب الأول: في ذكر المياه الباب الثاني: في ذكر الأرضين الباب الثالث: في ذكر السرقين (السماد) الباب الرابع: في اختيار الأرض وتدبيرها الباب الخامس: في غرس الثمار الباب السادس: وهو باب جامع لمعرفة كيفية ضروب الغراسات الباب السابع: في تشمير الثمار (تشذيب الأشجار) الباب الثامن: في تركيب الثمار بعضها من بعض (التلقيح) الباب التاسع: وهو باب جامع لبعض معاني التركيب وأسراره وغرائب من أعماله الباب العاشر: في زراعة الحبوب من القطاني وما أشبهها الباب الحادي عشر: في زراعة البزور المتخذة لإصلاح الأطعمة مثل التوابل وما أشبه الباب الثاني عشر: في زراعة القثاء والبطيخ وما أشبههما الباب الثالث عشر: في زراعة البقول ذوات الأصول الباب الرابع عشر: في زراعة خضر البقول الباب الخامس عشر: في زراعة الرياحين ذوات الزهر وما شاكلها من الأحباق الباب السادس عشر: وهو باب جامع لمعان غريبة ومنافع جسيمة من معرفة المياه والآبار واختزان الثمار وغير ذلك مما لا يستغنى عنه أهل الفلاحة