Ibn Baṣṣāl, Kitāb al-qaṣd wa’l-bayān.


[P.121] الباب الحادى عشر فى زراعة البذور المتخذة لاصلاح الاطعمة
كالتوابل وما اشبهها

زراعة الكمون
وجه العمل فيه ان تحرث ارضه فى اول نونبر فى الوقت الذى تخلى من الورقة  الخريفية ويطيب حرثها ثم يعاد عليها الحرث فاذا كان فى اول يناير اقيمت الارض احواضا ويزرع مائة حوض منه رطلين وزرع الاحواض على ما تقدم فاذا زرع حركت الارض بالزريعة حركة لطيفة وتسقى بالماء عند ذلك ويترك كما هو فان جفت رطوبة ارضه ازيد على السقى ثانية حتى ينبت فاذا نبت واعتدل نباته قطع عنه الماء وينظر اليه فاذا كان فيه عشب نقى منه ويترك الى ان يظهر فيه النوار فاذا ظهر سقى بالماء مرة واحدة ولا يزاد عليها وبهذه السقية يتم ان شاء الله تعالى

ووقت زراعته شهر يناير فان فاته ففى شهر فبراير ولا يؤخر عنه ويوافقه من الارض الحرشا والرملة والارض الحمراء المكدنة واللئيمة الباردة. ولا يزرع فى الارض الغليظة من اجل انه يتنعم فيها ويحترق وكذلك ايضا يزرع فى شهر يناير وفبراير ليلا يدخل عليه الحر ويجده رخصا فيحرقه، وان زرع الكمون على غير سقى حرثت ارضه على ما ذكرناه، فان كان فى شهر يناير حرثت الارض ويبسط حرثها ثم يزرع الكمون فيها وتكون عند زراعته لينة طيبة ويزرع كما يزرع القمح والشعير فاذا زرع صنعت حزمة من حشيش او عوسج وتثقل بالحجارة وتربط وتجرها الزوج على الحرث الذى زرع فيها الكمون لتختلط الارض

{P.122} وانما يفعل ذلك بها ليلا ينبطل منها شىء لان زريعته ضعيفة فلو وقع عليها الحرث لبطل اكثرها واذا كان هكذا على غير سقى فلا تجعل له من الزبل الا يسيرا وان كانت ارضه مدمنة استغنت عن الزبل ويبكر بزراعته ان كان بعلا. واكثر ما يجود فى البلاد المعتدلة المائلة الى الحرارة والله اعلم

زراعة الكرويا
زراعتها قريبة من زراعة الكمون فى الحرث والوقت، ووجه العمل فيها ان تحرث لها الارض فى اول نونبر وتطيب، فاذا كان فى شهر يناير اعيد عليها الحرث ثم تقام احواضاً على ما تقدم من الصفة ويطرح فى كل حوض ثلاث قفف من الزبل واقل من هذا يطرح للكمون ويكون الزبل معفنا رقيقا باليا ويزرع كزراعة الشعير تزرع مائة حوض منها ثلاثة ارطال وتحرك الارض تحريكا جيدا لكى تختلط به ثم يسقى بالماء عند ذلك ثم ينظر الى ارضها فمتى جفت رطوبتها سقيت، يفعل ذلك بها حتى تنبت ويعتدل نباتها ثم يقطع عنها السقى فاذا صار النبات قدر الاصبع اخذ من الزبل المدكور [المذكور] مقدار قفة ويفرش الحوض به يفعل ذلك لكل حوض منها ثم تنقش ويحرك الزبل مع الارض وتكون المناقش التى تنقش بها عقابية فى هيئة المناجل التى تستعمل فى الحصاد معقوفة مثلها الا انها اقوى منها واعظم فتنقش وتنقى من عشبها ويكون تحريكها مرتين او ثلاثا ثم تترك الى ان ينظر الى نباتها قد اظلم فاذا كان كذلك علمت انه محتاج الى الماء فتسقيه عند ذلك ثم يترك الى ان يبدأ فيه النوار، فاذا بدا فيه النوار خفف عنه السقى فيسقى مرة فى الجمعة يفعل ذلك به الى النصف من مايه ثم يرفع عنه السقى فلا يسقى بوجه لانه وقفت عينته فاذا اعقد الحب فيه جمع ولا يترك حتى يطيب غيره لانه انما يطيب شيئا بعد شىء ولو ترك الحب الذى يطيب اولا حتى يلحق غيره انسقط وذهب فكان لا يحصد منه {P.123} الا البطن الآخر وكذلك لو حصد عند اول بطن لذهب الثانى والثالث وانما يجمع حبه اخضر وكذلك يدخر كما هو.

وصفة ادخاره ان يجعل فى ظروف كبار قد صنعت من الحلفا وتملأ منه وتغطى ثم يوضع على الغطاء اثقالهم ويترك كذلك حتى يخمج ويعلوه بياض فاذا صار كذلك اخرج من الظروف ونشر للشمس فاذا يبس عمد إليه وغربل ويصير لونه بعد تيبسه اسود وهذه الصفة فى الكرويا الحسنة الطيبة الطعم وانما طاب طعمها بذلك الخمج الذى عرض لها لان ذلك هو الذى يصلحها وهذا لما يوكل منها خاصة

واما ما يرفع منها للزراعة فلا يفعل ذلك بها ولو فعل ذلك بها لم تنبت وانما وجه العمل فيها ان ينظر اليها حين يصفر حبها وتجمع عند ذلك ولا تترك حتى تيبس لانها ان تركت تساقطت ولا يحصل منها شىء الا اليسير.

ويوافقها من الارض السواء المدمنة واللينة والرطبة المودكة وانتهاء مدتها الى شهر يونيه ولا يتجاوزه وهى ورقة جيدة مباركة ومن احب ان يغرس منها خفف حين نقشها غرس ويأتى جيداً كغيره ورتب غراسته كغراسة البصل فى الخطوط وهى غرس مضمون ان شاء الله.

غراسة الشونيز
زراعته نحو زراعة الكرويا والكمون ووقت زراعته شهر مارس فان فات فشهر ابريل فاذا اعتدل النبات رفع عنه السقى فاذا صار قدر الاصبع نظر اليه، فان اظلم لونه علم انه محتاج الى الماء فيسقى مرتين فى الجمعة وينقى من عشبه ويوافقه الارض السوداء المدمنة واللينة الرطبة المودكة والارض الحرشا ولا توافقه الخشنة لانه يتنعم فيها ثم تلتهب ولا تتخلص وتنزرع مائة حوض منه رطلين والسقى مما يجيده ويصلحه.

{P.124} وان زرع على غير سقى فينبغى ان يبكر به وتخدم ارضه قبل ذلك وتخير له الارض الرطبة التى تغذيه فهى تصلح له.

زراعة الانيسون
العمل فيه ان تقام ارضه احواضا على نحو ما تقدم، ويطرح فى كل حوض قفة من زبل طيب رقيق بال ويطيب به الحوض ثم يزرع كسائر الزراريع. وتزرع مائة حوض منه ثلاثة ارطال فاذا زرعت الزريعة خلطت بالتراب خلطا جيدا حتى تمتزج معه ثم تسقى بالماء وتترك حتى تنبت فاذا نبتت واعتدل نباتها قطع عنه الماء حتى يصير فى قدر الاصبع ثم ينظر اليه فاذا احتاج اليه سقى وعلامة احتياجه ما يعلوه من الدهمة ثم ينقى عشبه ويخفف ويترك النبات كله مستويا يكون بين اصل منه وآخر مقدار اربعة اصابع ويتعاهد بالسقى مرتين فى الجمعة يفعل ذلك الى ان يكون فيه النوار ثم يقطع عنه الماء ليقبل كله اقبالا واحداً ولا يتأخر منه شىء عن شىء وان سقى بعد ما ينور سقط بعضه وثبت بعضه الا ان يخاف عليه ان لا يتم الا بالسقى مرة او مرتين لا اكثر من ذلك.

وقت زراعته شهر مارس فان فات فشهر ابريل ووقت حصاده شهر غشت ويوافقه من الارض ما يوافق الشونيز واكثر ما يجود بالسقى وقد يجود ايضا فى غير ارض السقى اذا خدمت ارضه وحرثت مرارا والالم يصلح فيها والله اعلم.

زراعة الكزبر
الذى يدخر وجه العمل فيه ان تقام احواضه على ما تقدم ويجعل فيها من الزبل ما تحتمل ويزرع كسائر الزراريع وتسقى بالماء حتى ينبت ويعتدل النبات ثم يقطع عنه الماء ثم ينقى من عشبه ويترك حتى يعطش ثم يسقى بالماء مرة او مرتين ثم يترك الى وقت حصاده ووقت زراعته شهر يناير فان فات فشهر ابريل فان فات فشهر مارس وتنزرع مائة حوض منه اربعة فنايق وتوافقه {P.125} الارض المدمنة السوداء والسمينة المودكة ولا يكثر عليه بالزبل من اجل انه لا يوخذ منه غير الزريعة لا غير ذلك

وصفة اخرى فى زراعته هذا فى الخريف وهو اول ما يزرع منه للاكل ووجه العمل فى زراعته ان تقام احواضه على نحو ما تقدم ويكثر فيها الزبل من اجل دخول الشتاء عليه ويحرك مع الارض وتطيب به الاحواض ثم يزرع الكزبر فيها فاذا زرع حرك مع الارض حتى يختلط ثم يسقى بالماء مرة او مرتين او ثلاثا الى ان ينبت، فاذا اعتدل النبات قطع عنه الماء ويترك حتى يرى انه محتاج الى الماء وذلك بما يعلوه من الدهمة فيسقى حينئذ مرة فى الجمعة وتنزرع مائة حوض منه اربعة فنايق وزنتها اثنان وسبعون رطلا ويوافقه فى هذا الفصل ايضا ماء الآبار والعيون وما اشبهه وكذلك ما زرع منه فى الشتاء يكون العمل فيه على ما وصفنا فيه الا انه يزاد من الزبل ويكثر له من اجل الزبل1 المفرط الذى يدخل عليه

وتنزرع مائة حوض منه فى هذا الفصل ثلاثة فنايق ومن اجل انه يتولد فى هذا الفصل ويكثر ورقه وما زرع منه فى الربيع وذلك فى فبراير الى آخر ابريل فيصنع ايضاً فى زراعته نحو ما تقدم غير انه لا يكثر الا بالزبل ويزرع مائة حوض فى هذا الفصل مثل ما يزرع فى الخريف، وذلك انه لا يتولد فى هذا الفصل كما يتولد فى الشتاء من اجل ان برد الشتاء يردعه ولا يعمل فوق الارض وانما يعمل فى اصوله فيتسع ويتولد من اجل ذلك وما زرع منه فى الصيف لا يكثر عليه الزبل ويزاد فى زريعته نحو الربع على ان تزرع منه مائة حوض خمس فنايق من اجل انه لا يقوم فى هذا الفصل الا على ساق واحد وينبغى ان يكثر عليه بالماء عند حاجته كما وصفنا يسقى مرتين فى الجمعة وكلما شرب الماء فى هذا الفصل كان احسن.


 

1 لعله: البرد

تسمية أبواب هذا الكتاب وهي ستة عشر بابا الباب الأول: في ذكر المياه الباب الثاني: في ذكر الأرضين الباب الثالث: في ذكر السرقين (السماد) الباب الرابع: في اختيار الأرض وتدبيرها الباب الخامس: في غرس الثمار الباب السادس: وهو باب جامع لمعرفة كيفية ضروب الغراسات الباب السابع: في تشمير الثمار (تشذيب الأشجار) الباب الثامن: في تركيب الثمار بعضها من بعض (التلقيح) الباب التاسع: وهو باب جامع لبعض معاني التركيب وأسراره وغرائب من أعماله الباب العاشر: في زراعة الحبوب من القطاني وما أشبهها الباب الحادي عشر: في زراعة البزور المتخذة لإصلاح الأطعمة مثل التوابل وما أشبه الباب الثاني عشر: في زراعة القثاء والبطيخ وما أشبههما الباب الثالث عشر: في زراعة البقول ذوات الأصول الباب الرابع عشر: في زراعة خضر البقول الباب الخامس عشر: في زراعة الرياحين ذوات الزهر وما شاكلها من الأحباق الباب السادس عشر: وهو باب جامع لمعان غريبة ومنافع جسيمة من معرفة المياه والآبار واختزان الثمار وغير ذلك مما لا يستغنى عنه أهل الفلاحة