Ibn Baṣṣāl, Kitāb al-qaṣd wa’l-bayān.


[P.127] الباب الثانى عشر فى  زراعة القثا والبطيخ والقرع وما اشبه
ذلك وقارب شكله

زراعة القثا
القثا نبات ضعيف لا يحتمل من البرد شيئا لضعفه فينبغى ان تخير له الارض الموافقة له وهى التى تغوص اصوله داخلها طلب الرطوبة مثل الارض المدمنة السود او الارض الرملة الرخوة والارض اللينة الباردة الرطبة والارض المضرسة ايضا توافقه الا انه ينبغى ان يتخير له الارض الا يبكر زراعته فى الارض الباردة والا ان يجعل اليها شىء من الزبل الطيب الرقيق لتنكسر به برودة الارض واذا تأخرت زراعته لاول ابريل فلا تبالى حينئذ فى اى ارض زرعتها فان كانت الارض مدمنة زرعت اول مارس.

اول ما يحتاج اليه فى زراعته ان تخدم ارضه وتعمر قبل الزراعة بمدة نحو الشهرين او الثلاثة وذلك ان تعمد الى الارض فى شهر يناير فتحرثها حرثا جيدا وتخرقها خرقا متصلا وهى غير ثقيلة بالماء وتترك كذلك، فاذا طاب هذا الحرث الاول عيد عليه بالحرث ثانية ثم يترك ايضا حتى يطيب ثم يعاد عليه الحرث ثالثة واذا ارتقبت وقت حرثه لم تحتج ان تلقيه فى اكثر من ثلاث سكك لان هذا العمل يعدل سككا كثيرة وانما يتقدم حرث الارض ليرق ترابها وينحل وتنفتح سوامها وتقبل المطر وتروى منه فاذا كمل العمل فى الارض كما ذكرنا وحان وقت زراعة القثا قطعت ارضه خطوطا يكون فى عرض خط منها ثلاثة اشبار وفى طوله اثنى عشر ذراعا وما بين خط وآخر اربعة اذرع ثم يزيل الخط مثل قفة من {P.128} الزبل الرقيق البالى وان كانت الارض فى وقت الزراعة ثرية رطبة فذلك جيد والا سقيت الارض بالماء واجرى على الخطوط فترد الارض وتقع الزريعة فى الثرى فاذا طاب الثرى حفر الخط كله وعمل فى طوله خمسة بيوت وطرحت الزريعة فى كل بيت ويرد التراب عليها بمقدار اصبعين فاذا نبت والقى اعينا خفف بقلع الصغير منه ويترك القوى الكبير وتدخل المناقيش اليه وتحرك ارضه ويقام التراب الى اصول النبات ويوالى تحريك الارض مرة بعد مرة فاذا ظهر فيه العقد اجرى عليه الماء فهذا وجه العمل

صفة اخرى فى زراعته: وهى ان تقطع الارض احواضا بعد تدبيرها كما ذكرنا يكون فى طول الحوض اثنى عشر ذراعا وفى طوله اربعة اذرع ثم يجعل فيها الزبل الرقيق البالى ثم يدخل عليها الماء حتى تثرى ارضها ثم يزرع كزراعة الشعير على ان يقع من الزريعة تحت الشبر حبتان او ثلاث ثم تحرك الارض مع الزريعة بالحفير ولا يكون الحفير غميقا ليلا تندفع الزريعة فيه فلا تنبت لضعفها ولا يكون الحفير ايضا لطيفا جدا ليلا تظهر الزريعة على وجه الارض فيتمكن منها حر الشمس فلا تنبت ايضا، وانما يكون حفرها متوسطا فاذا نبت النبات فيها وخرج له عين وثانى نقشت عند ذلك وخففت ثم تترك يسيرا ويعاد عليه النقش مرة بعد اخرى وهذه غراسة محمودة وهى من احب ما يكون فى زراعته من اجل ان الحبة تنبت وحدها فى موضعها ولا يضيق عليها غيرها وتزرع مائة حوض منها رطلين ونصف

زراعة البطيخ
البطيخ كله يوافقه السقى حاشا السكرى منه فانه لا يوافقه الماء والبطيخ البعلى بالجملة اعلى واطيب من السقى الا ان منه ما لا يجود الا بالسقى، والبطيخ السكرى اطيب وافضل انواع {P.129} البطيخ، واكثر ما يجود فى المواضع التى لا يأخذها ماء. ولا يلحقها ثرى فعند ذلك تشتد حلاوته المركبة فيه واذا صحبه الماء استحال طعمه وانكسرت حلاوته.

وصفة العمل فى زراعته ان يعمد الى الارض السوداء او ما قاربها وتدبر بما ذكرنا فى القثاء، تحرث بسكة او بسكتين وثالثة ثم تزرع كما يزرع القمح والشعير ويبسط لها الحرث وقت زراعتها ولا تغمق لان ما وقع فى اسفل الخط  الغميق لا ينبت من اجل التراب الذى يكون عليه اكثر من شبر، وينبغى ان تكون الارض وقت الزراعة ثرية وذلك يغنيها عن الماء ان لم ينزل عليها الماء فاذا نبتت الزريعة واستوى النبات وخرجت فيها الاعين دخل اليها بالحفر او النقش ويكون ذلك مبسوطا لا عميقا وتخفف وتعدل تنقل من المكان اللفيف وتغرس فى الخفيف وتحرك كذلك مرة بعد مرة بالنقش حتى تمنع عن نفسها ويظهر العقد فيها وهى فى خلل ذلك يضمر لها التراب

وهذا النصف السكرى لا يجود فى البلاد الباردة ولا الاماكن الندية للعلة التى ذكرنا فهذا وجه العمل فيه وفى سائر انواع البطيخ والقثاء والخيار، وكل ذلك متقارب عمله الا ان الخيار يحب الماء الكثير ولا يكون بعلا البتة وتكون احواضه نحو احواض القثا فى الطول ويزاد فى عرضه ذراع من اجل ان الخيار يحب الماء الكثير كما ذكرنا والله اعلم

زراعة اللفاح
وجه زراعة اللفاح ان تقام له الارض اهدافا ويجرى عليها الماء فاذا طاب الثرى زرع اللفاح فى الخطوط التى بين الاهداف ويكون خط واحد مزروعا وخطان غير مزروعين فاذا نبت خفف ونقش فاذا صارت فروعه فى طول الشبر او ازيد حذف الورق من نصف الفرع مما يلى الارض وصرف التراب الذى فى الاهداف على ما {P.130} حذف من الفروع فيصير حينئذ الهدف خطا والخط هدفا ويجرى الماء على الخطوط فاذا طاب الثرى حرك الخط الذى جرى عليه الماء ويرفع السقى عنه ولا يسقى بعد هذا

زراعة البطيخ السندى
وجه العمل فى زراعته ان تقام الارض اسرة طول كل سرير اثنى عشر ذراعا، وعرضه اربعة اذرع وبين سرير وآخر خط يجرى فيه مح يدخل عليه بالماء فاذا نبت خفف وترك ما يحتاج منه فاذا صار فى قدر الشبر او اكثر من ذلك كبس واخرج الى جانب السرير فبهذا العمل يصلح ويأتى بطيخه جيدا ان شاء الله ووقت زراعته شهر ابريل

زراعة القرع
اول ما يحتاج اليه فى زراعة القرع انتخاب الزريعة، وذلك ان تكون من البطن الاول فان فات ذلك فمن البطن الثانى او الثالث ما لم ينصف شهر غشت فان انصف فلا يشتغل باخذ شىء من تلك الزريعة لأنها زريعة لا حمرة فيها وحمرة الزريعة وامتلاؤها هو علامة قوتها وافضل ذلك ما رسم منه فى البطن الاول ويترك كذلك يبقى فى جملة غيره من القرع حتى يحين عليه شهر اكتوبر، فاذا حان عليه قطع وترك للشمس حتى تذهب رطوبته ثم توخذ منه الزريعة وترفع الى وقت الحاجة فهذه الزريعة هى المضمونة ان شاء الله فاذا جاء وقت زراعته، وذلك شهر يناير وهو اول ابان زراعتها الى آخر ماية وهو آخر مدته فوجه العمل فى زراعته فى البلاد الباردة مثل بلاد الاندلس ان يزرع فى مصاطب1 الزبل فى شهر يناير فاذا نبت وتمكن نقل الى الارض التى يطعم فيها فى شهر ابريل

{P.131} وصفة عمل هذه المصاطب ان يقصد الى زبل الدواب وهى الخيل والبغال والحمير كما هو طريا بعد ان ينشف شيئا يسيرا وينقى من العيدان وغير ذلك مما يخالطه ثم يقطع تقطيعا جيدا رقيقا ويمزج بعضه ببعض ثم يقصد الى المشارق المكنة التى يلاصق الحيطان وتجعل فيها وترتب على مثال منصبة يكون فى ارتفاعها ذراع وفى عرضها ثلاثة اذرع واما الطول فما2 يحتاج اليه من الزراعة فيه ثم يسوى ذلك الزبل تسوية معتدلة ويحفر على ظهره حفريات متقاربة تكون بين حفرة واخرى حدود الشبر ويجعل فى كل حفرة من الزريعة اربع حبات او خمس ويكون اطرافها المحدودة الى فوق مما يلى الهواء، فذلك اسرع لنباتها فاذا كمل غرس الحفير رد الزبل عليها ويكون ارتفاعه عليها نحو ثلاثة اصابع وانما شرطنا ان يغرس منها اربع حبات او خمس فى واحدة من اجل انه يسهل قلعها عند التنقيل بحرزتها فاذا كملت المنصبة بالغراسة كما ذكرنا غطيت بورق الكرنب او القنبيط3. يبسط الورق عليها واحدة واحدة امام اخرى حتى تكسى المنصبة كلها ولا يظهر منها شىء. وانما يفعل هذا من اجل ان حرارة4 الزبل تتصعد، فينتهى الى الورق فيتحبب فيها ثم تنعكس راجعة فينزل على الحفر المزروعة فيرويها فلا تزال كذلك حتى ينبت النبات ويقوم ويحمم ويعتدل فاذا انتهى الى هذه الحالة هيئت له احواض ونقل اليها، والوقت الذى ينقل فيه هو من نصف ابريل الى نصف مايه

وصفة الاحواض هى ان يكون فى طول الحوض اثنى عشر ذراعا وفى عرضه اربعة اذرع ويجعل بين حوض وآخر ثمانية اذرع وهذا اذا كانت الارض حرشا جذبة لا رطوبة فيها وهى التى {P.132} توافق القرع وفيه يبكر بالاطعام ويكثر بالعقد ولا تطول فروعه.

واما الارض الكريمة السمينة فيجعل بين حوض وآخر ستة عشر ذراعا لانه يتنعم فى هذه الارض ويمتد فروعه فلذلك يبعد بينه ليجد الهواء اليه سبيلا ويستخرج ما فى داخله من القوة وتطيب الاحواض بالزبل المتقادم الرقيق المعفن ثم يقسم الحوض الى اربعة بيوت ويصنع فى كل بين حفرة على مقدار ما تسع من الزبل فنيقة ثم يقلع الخرز من المصاطف كما هى وتنزل فى هذه الحفر بعد ان يجعل فى كل حفرة من الزبل مقدار فنيقة وتخفى اصول القرع فى ذلك الزبل مع اربعة اصابع من جسده او نحوها ويرد الزبل حوله دون ان يرد من التراب شىء لان التراب يضره، فاذا كمل غرسه سقى بالماء نحو ثلاث سقيات حتى يتخذ الفرع اصلا وينقى ثم ينقش نقشا خفيفا ثم يعطش ولا يسقى حتى تمتد غصونه ويرى انه محتاج الى الماء فيسقى عند ذلك ويتوالى عليه السقى ولا يكثر عليه بالماء فى صغره حتى يخدم خدمة جيدة وينقش نقشا حسنا ويحنى القرع ويضرب بنفسه فى الارض فعند ذلك يكثر عليه بالماء وان سقى فى كل يوم لم يضره بل ينفعه ويوافق القرع ماء النهر وبه ينور ويكثر عقده ويوافقه عن التنعم الكثير والغضارة لان ماء النهر فيه حروشة واذا سقى بماء الآبار الحلوة والعيون جاد واينع واشتغل لانه موافق له فى البرودة والرطوبة وهو نبات لا يصلح الا بالماء الكثير وهو الذى يغذوه لانه يشرب الماء شربا قويا ولذلك يحمل بطنا بعد بطن طول زمان الحر واتصاله

صفة اخرى فى زراعته: وهو انه يصنع الحوض على ما حددناه ويطبب بالزبل كما ذكرنا ثم يخط فى وسط الحوض خطا بطول ويكون فى عمق الخط اربعة اصابع لا اكثر من ذلك ثم يوخذ زريعة القرع وتغرس فى تلك الخط حبة امام اخرى يكون بين حبة واخرى نحو الشبر ثم يغطى الحب بالرمل فى ذلك الخط ويكون الرمل على الحب نحو ثلاثة اصابع ويترك كذلك فاذا همت الرطوبة {P.133} بالخروج من الحبة وجدت التراب رخصا عليها فتدفع فيه ويقوم النبات سريعا ويندفع عنه مضرة الحيوان بهذا العمل وذلك مثل عروق الحلزوز وغير ذلك من مضار الحيوان فاذا نبت الفرع كله وتمكن وواظب عليه بالخدمة والنقش لا يزال كذلك حتى يبدأ الفرع بالغزل فاذا بدأ عمد الى الفرع وضم اليه التراب وغطى من اصله نحو الشبر فيصير كله من هدف فى هدف ويكون الفرع من ذلك الهدف فى وسطه وبهذا العمل يندفع عنه داء يعرف بالرجينة يقع فى اصل الفرع على وجه الارض فييبسه ذلك الداء وغيره وصار الفرع مصونا فى ذلك الهدف محجوبا عن الضرر تتخذ فيه اصولا غير الاصول التى كانت له اولا ويجرى الماء عند جوانب الهدف ومنه تشرب الاصول ولا ينقصها من غذائها شىء وهذا وجه جيد فى غراسة القرع وراعى فيه ما قلناه قبل هذا من التباعد والتقارب فى الارض الحرشا والارض الكريمة

صفة اخرى وهى زراعته فى البعل بالحيلة: وقد ذكرنا فيما سلف ان القرع لا ينجب الا بالماء الكثير او يكون فى موضع بعيد من الماء فوجه الحيلة فى ذلك ان تعمد الى المكان الذى تريد ان تزرعه فيه فتحفر فيه حفرا على قدر ما تحتاج اليه منه ويكون فى عمق كل حفرة منها نحو الشبر ويعمد الى البصل البرى الذى يعرف ببصل الخنزير ويقلع منه ما يحتاج اليه ويأخذ البصلة كما هى ويقطع ما علاها من الورق ويشقها شقا سريعا وهو شق الباذنجال فيبلغ الشق الى نصفها او تحته قليلا ثم يجعل فى كل ربع من ارباع البصلة التى شققت حبة من زريعة القرع يكون فى كل بصلة منها اربع حبات وتكون اطراف الحب المحددة مما يلى الهواء ثم ترد البصلة فى هذه الحفرة التى صنعت كما كانت مغروسة اول مرة ويرد حولها التراب وتغطيها بها تغطية خفيفة {P.134} وتسقيها بالماء ذلك الوقت وتتركها حتى ينبت الحب فى تلك البصلة ويظهر ويخضر ويتنعم ويطعم ولا يحرم شىء من الغذاء ولا يتغير له طعم ولا وصف

زراعة الباذنجان
وجه العمل ان يعمل له مصاطب من الزبل الذى لم يخالطه شىء كما ذكرنا فى زراعة القرع وتكون هذه المصاطب عند اصول الحيطان فى المشارق المكنة يكون فى طول المصطبة اثنى عشر ذراعا وعرضها اربعة اذرع وفى ارتفاعها ذراع وان كان الزبل قد برد ولم تثق به اضفت له من زبل الحمام مقدار ثلثه وتخلطه به خلطا جيدا حتى يمتزج فاذا صنعت منه المصاطب على ما حددناه اخذت من زريعة الباذنجان لكل حوض اربعة اوراق ثم تأخذ من الزبل المؤلف الرقيق البالى، وقد ذكرناه فى باب الزبول وتمزجه فى هذه الزريعة مزجا جيدا ثم تزرع الزريعة كما هى على المصاطب وتغطيها بورق الاكرنب كما تقدم فى القرع ثم تدخل اليه الماء وتحفظها به حتى تنبت فاذا نبتت واستوت ازلت تلك الورق عنها وغذاؤها ما ينزل من النداء حتى ترى انه محتاج الى الماء

وعلامة ذلك انها تظلم ويعلوها سواد فاذا تقوى النبات وضربت فيه الاعين ونظرت اليه انه محتاج الى الماء جلبت اليه الماء وذلك انك تصنع حفرة على مقربة من المصطبة وترد اليها الماء وتملأها منه ثم تسقى بصحفة من تلك الحفرة وتسقى به المصطبة على قدر ما تثرى به ولا تكثر عليها بالماء ليلا تبرد فيقف النبات لذلك ولا يتحرك وتكون زراعة هذه الزريعة فى شهر يناير ثم ينقل فى شهر ابريل فان فات شهر ابريل استدرك فى شهر مايه من اوله الى نصفه وما جعل منه فى مايو يكون اطيب طعما من البكير

{P.135} صفة نقله: ان تهيأ له الارض وتحوض ويكون فى طول الحوض اثنى عشر ذراعا وفى عرضه اربعة اذرع ويجعل فى كل حوض قفتين او قريبا من ذلك ويكون الزبل رقيقا باليا وقد خرجت حرارته وبقيت رطوبته ثم تسقى الاحواض بالماء قبل ان تغرس فيها من النقل شيئا وانما يفعل هذا لتبرد الارض وتهدأ فلا تلتهب النقل اذا غرس فيها من فوره ثم يعمد الى المصطبة التى فيها النقل فتسقى بالماء سقيا بالغا ويكون ذلك فى آخر النهار ليدخل عليه برد الليل فيشد من اجل ذلك فاذا كان من الغد اخذ فى قلع النقل

وصفة قلعه ان يستعمل له حدايد او عيدان محدودة الأطراف ثم تمسك النقلة الواحدة بيدك ثم تدخل العود او الحديدة من اسفلها وتقلعها باصولها فاذا اجتمع لك من النقل مقلوعا ما تغرس فى حوض واحد وذلك ستون اصلا جعلته فى قفة وتقلع لكل حوض مثل ذلك وتجعلها فى القفة مرتبة بعضها فوق بعض فاذا قلعت مقدار ما تحتاج اليه فى ذلك اليوم جعلت الكل فى مكان بارد الى آخر النهار ولا تقلع الا على قدر ما تعلم انك تغرسه فى يوم واحد ثم تبتدىء بالغرس من اول النهار وترتبه صفوفا تجعل فى الحوض الواحد اربعة صفوف مستوية فى كل صف خمسة عشر نقلة فيشتمل الحوض على ستين اصلا لا اكثر من ذلك ولا اقل، وبهذه الرتبة والتدبير يصلح الباذنجان وتنكسر مرارته وتقل بشاعته لانه متى خفف فى الغراسة طالت شجرته واتى ثمره براقا يعلوه دهمة وتغلظ لحمته وتقل زريعته ومتى لم يخفف5 فى الغراسة قصرت لذلك شجرته وجاد ثمره مدورا لطيفا قوى الحرارة كثير الزريعة وينبغى اذا غرس ان يصحب الماء الكثير عند الغراسة ويكون ذلك فى آخر النهار كما ذكرناه قبل هذا من برد الليل الذى يدخل عليه ثم يتولى عليه الماء ثلاث مرات حتى ينبت النقل ويكون {P.136} بين سقية واخرى يومان فاذا كان بعد ذلك نقش نقشا خفيفا غير مبلغ وترك كذلك حتى يعطش ثم يسقى بالماء وينقش نقشا بليغا ويترك فاذا كان بعد اربعة ايام او خمسة حرك ذلك التراب دون ان يبلغ به فى النقش، وانما يفعل ذلك به ليتعلق الرهج اليه فيجفف رطوبته فيعطش بذلك ويحوجه الى شرب الماء وذلك النقش ايضا انما يستعمل ليكشف به عن وجه الارض فيتمكن الهواء والشمس برفع الرطوبة عنه والتسخين له، فاذا فعل ذلك به ثم ادخل عليه الماء قبلته الارض قبولا جيدا ويغذى هو من اجل ذلك غذاء قويا ويواظب بالسقى ثلاثة ايام فى الجمعة وعلى مقدار مواظبته بالماء تكون غضارته وحلاوته

ويوافقه من الارض المدمنة والحرشا المضرسة واللينة الرطبة ولا توافقه الارض الخشينة لانها تتشقق فيدخل الهواء الى اصوله فيضره ذلك ولا توافقه الارض الباردة ويوافقه ايضا ان تكون ارضه فى هواء معتدل لا يتمكن به الشمس حتى تشغلها من اول النهار الى آخره ويوافقه من الماء ما كان حلوا ومتى سقى بغير الحلو لم ينجب والله اعلم

صفة اخرى فى غرسه: وهى ان تعمد الى الارض فتصنع احواضا وتقطع تقطيعا جيدا ثم يدخل عليها بالماء ويغرس النقل فى ذلك الماء ويمشى على تلك الاحواض وتداس بالاقدام ثم تترك كذلك. وتواظب بالسقى حتى يرى انه قد نبت ثم يترك كذلك اياما وتنقش وهذا وجه جيد فى غراسته الا ان رسوم الاحواض وهيئتها تتغير من اجل المشى عليها بالاقدام وهو عمل جيد لا يبطل منه شىء لان كل نقل يغرس فى الماء لا يبطل بوجه.

صفة اخرى فيه: وهو ان يعمد الى الارض وتدمن بالزبل وتحرث ان كانت ارضا دون ثمار يتمكن من حرثها والا حفرت، فاذا فرغ من حفرها قطعت صفوفا يكون بين صف وآخر اثنى عشر ذراعا وتقام الارض اهدافا هدف الى جنب الآخر وتسقى تلك الاهداف {P.137} بالماء ويقلع النقل على ما وصفناه قبل هذا ويغرس عشى النهار موضع غرس النقل قيعان الخطوط التى بين الاهداف يكون بين هدف وهدف عشرون نقلة وتسقى على الرتبة التى ذكرنا، يكون بين سقية واخرى يومان، فاذا اتخذ ونبت نقشت ارضه نقشا خفيفا ويهدم من الاهداف شىء يسير مرة بعد اخرى وكلما طلع النقل وظهر هدم من الاهداف شىء بعد شىء حتى تتسع الاصول وتكمل فيهدم ثلاثة اهداف ويترك واحد، فترجع الارض عند ذلك فى هيئة الاحواض المصنوعة ويتقوى اصل الباذنجان بهذا العمل ويجود بذلك ويتناهى فى الجودة، وهذا افضل الوجوه فى غرس النقل وانجبها واقواها لانه لا يهتز له اصل عند جنيه ولا عند غير ذلك.

زراعة الاسفرج
الإسفرج صنفان صحراوى وبستانى، والبستانى افضل من الصحراوى لرخوصته وطيب طعمه، ووجه العمل فيه ان تأخذ زريعته فى شهر شتنبر فترفع الى الوقت الذى تزرع فيه وهو شهر مارس فاذا كان فى هذا الشهر عمد الى الارض التى تزرع فيه فتقطع احواضا على ما تقدم من الصفة وتطيب بالزبل الرقيق البالى يجعل فى كل حوض منه قفة وتحفر فيها حفر لطاف بآذان المناقش ويجعل فى كل حفرة من الزريعة ثلاث حبات ثم يجعل عليها حفنة من رمل ليجد النبات حين يندفع ما عليه من الارض رخوا فلا يرجعه لانه نبات ضعيف ويرتب صفوفا بطول الحوض ثم يدخل عليه الماء وتسقى به الى ان تنبت وتعتدل فى النبات ثم يقطع عنه الماء حتى يظلم نباته فيسقى عند ذلك ثم يترك كذلك حتى يطيب ثراه وينقش ويقطع ما نبت فيه من العشب ويواظب بالسقى طول مدة الحر مرة فى الجمعة، فاذا كان فى الخريف قطع عنه الماء لان الامطار فى الشتاء والخريف تغذيه فيكون هذا دأبه {P.138} مدة عامين ثم يجمع فيه الاسفرج بعد ذلك. ويوافقه من الارض اللينة الرخوة والسمينة ويأتي هذا الاسفرج غليظا رخصا لا يطرح منه شىء.

ومن اراد ان يستعجله من عامه فليقصد اليه فى منابته فى بطون الاودية والمواضع الرطبة ويقلعه باصوله ولا يأخذ منه الا القوى المتمكن ويغرسه فى بستانه بعد ان يحفر له حفر على قدر ما يغيب الاصل فيها ولا يظهر منه شىء ويرد التراب عليه قدر اربعة اصابع ثم يسقى بالماء لينزل التراب عليه ويحله ويغذوه بلطفه وتكون غراسته فى شهر فبراير ويواظب بالماء مرة فى الجمعة وهذا يطعم من عامه

زراعة الكبر
الكبر صحراوى وبستانى، فوجه العمل فى البستانى ان تقطع له الارض وتقطع احواضا على نحو ما تقدم من الصفة ويكون هذا فى شهر يناير ويطرح فى كل حوض منه قفة من الزبل الرقيق البالى وتطيب له الاحواض ثم تزرع الزريعة وتحرك بالارض وتسقى بالماء الى ان ينبت النبات ويكون السقى كله اربع مرات او خمسا فاذا اعتدل النبات قطع عنه الماء فان احتاج بعد ذلك الى السقى سقى مرة فى الجمعة الى النصف من شهر غشت ثم يقطع السقى عنه ويترك كذلك حتى يمضى عام، فان كان فى رأس العام دبر له الارض التى ينقل اليها بالحرث والزبل ويقطع احواضا على ما تقدم ويدخل عليها الماء ثم يقلع النقل باصوله ويغرس فى هذه الاحواض ويرتب فيها صفوفا ويجعل بين اصل وآخر مقدار اربعة اشبار ويسقى بالماء سقيتين او ثلاثا فاذا نبت هذا النقل وظهر لقحه نقشت ارضه وقلع ما نبت فيها من العشب ويحتفظ باللقح ليلا يقطع عند النقش ويكون غرس هذا النقل فى شهر مارس، ثم ينظر اليه متى احتاج الى الماء سقى ويتعاهد بالسقى مرة فى الجمعة فاذا كان فى اول الخريف قطع عنه الماء {P.139} طول فصل الخريف والشتاء والربيع فاذا كان فى الصيف سقى مرة فى الجمعة ويراعى كذلك حتى يتم له عامان، فاذا بلغ ذلك الامر يستغنى عن السقى وان سقى فحسن وعقد هذا الكبر لذيذ فى الطعم رخص قليل الزريعة بخلاف الصحراوي ونوار هذا الكبر البستانى ناعم غليظ وقد يستعمل هذا النوار فى الاكل اذا ادخلت عليه الصناعة

وصفتها ان تقطف هذا النوار وهو مغلوق قبل فتحه ويوخذ منه قدر الحاجة ويصنع له ظروف من الدوم والديس ولا يصنع له من الحلفا لانه يولد فيه بخورة ويجعل من هذا النوار طاقة حتى تملأ الظروف ثم تشد افواهها وتثقل بالحجارة ليمصل ماؤها وتخرج مرارتها ويترك كذلك مدة شهرين ثم يخرج من الظروف ويغسل غسلا جيدا ويستعمل فى الاكل بالخل والزيت ويأتى اطيب من العقد الذى يستعمل وقد يترك الكبر فى الموضع الذى زرع فيه ولا ينتقل اذا زرعت زريعته معتدلة الا ان المنقول احسن

زراعة الحنظل
وجه العمل فيه ان يوخذ زريعته وتزرع كما تزرع القثاء وذلك ان يحفر لها حفر لطاف بآذان المناقش ويجعل فى كل حفرة منها حبتان او ثلاث ويرد التراب عليها مقدار غلظ اصبعين ونحوهما وتكون زراعته بعد ان تثرى له الارض بالماء فاذا نبت واعتدل نباته دخل ونقش وقطع ما نبت فيه من العشب وترك حتى يرى انه محتاج الى الماء بما ذكرنا قبل هذا من العلامة وهى اظلامه فيسقى عند ذلك سقية واحدة وينقش ويرفع عنه السقى لانه نبات صحراو. وتكون زراعته فى شهر ابريل ويوافقه من الارض اللينة الرقيقة التى لا ودك لها، والحنظل مر فى نهاية من المرارة الا انه قد يحتال لزريعته فتحلى وذلك انه يقصر فى الماء كما يقصر الترمس ثم ييبس ويطحن ويخبز ويأتى خبزه نظيفا ابيض يشبه الدرمك


 

1 فى الاصل: المطاطب

2 فى الاصل: فلا

3 فى لاصل [الاصل]: القنيط

4 فى الاصل: جرة

5 فى الاصل: ومتى خفف

تسمية أبواب هذا الكتاب وهي ستة عشر بابا الباب الأول: في ذكر المياه الباب الثاني: في ذكر الأرضين الباب الثالث: في ذكر السرقين (السماد) الباب الرابع: في اختيار الأرض وتدبيرها الباب الخامس: في غرس الثمار الباب السادس: وهو باب جامع لمعرفة كيفية ضروب الغراسات الباب السابع: في تشمير الثمار (تشذيب الأشجار) الباب الثامن: في تركيب الثمار بعضها من بعض (التلقيح) الباب التاسع: وهو باب جامع لبعض معاني التركيب وأسراره وغرائب من أعماله الباب العاشر: في زراعة الحبوب من القطاني وما أشبهها الباب الحادي عشر: في زراعة البزور المتخذة لإصلاح الأطعمة مثل التوابل وما أشبه الباب الثاني عشر: في زراعة القثاء والبطيخ وما أشبههما الباب الثالث عشر: في زراعة البقول ذوات الأصول الباب الرابع عشر: في زراعة خضر البقول الباب الخامس عشر: في زراعة الرياحين ذوات الزهر وما شاكلها من الأحباق الباب السادس عشر: وهو باب جامع لمعان غريبة ومنافع جسيمة من معرفة المياه والآبار واختزان الثمار وغير ذلك مما لا يستغنى عنه أهل الفلاحة