Ibn Baṣṣāl, Kitāb al-qaṣd wa’l-bayān.


[P.151] الباب الرابع عشر فى زراعة البقول ووجوه العمل فيها
فى جميع الفصول

زراعة الاكرنب
وجه العمل فيه ان تقطع ارضه احواضا على ما تقدم فى صفة الاحواض ويطرح فى كل حوض قفة زبل وتطيب الارض له ثم تزرع الزريعة بعد ذلك فاذا زرعت حركت مع الارض حتى تختفى ثم تسقى سقية او سقيتين يفعل ذلك بها حتى ينبت ويعتدل النبات ثم يقطع السقى عنها فاذا صار من قد الاصبع اخذ فى نقله وتنزرع مائة حوض منه عشرة ارطال ويوافقه من الارض الغليظة والسوداء المدمنة

وصفة تنقيله ان ينظر اليه اذا كان من قد الاصبع ان تقام له الاحواض على ما تقدم من الصفة ثم يدخل عليه الماء وتترى [وتثرى] وتطيب ثم يقلع النقل ويغرس فى هذه الاحواض ويجعل منها فى كل حوض اربعة صفوف بطول الحوض يكون فى كل صف منها عشرون اصلا لا اكثر من ذلك ولا اقل ثم يتعاهد بالسقى ويكون ذلك على قدر طول ذلك الفصل من قوة الحر ولينه

ويوافقه الماء الحلو العذب ولا يوافقه غيره وان كان الخريف كثير المطر وبلغ الاكرنب اليه خفف عنه السقى واما الاكرنب الذى يوكل فى الشتاء فيوافقه الماء الرطب من الآبار والعيون وان كانت فيه حرارة لانه فى هذا الوقت دفى [دفىء؟] ولا يوافقه ماء النهر فى هذا الفصل وان كان حلوا من اجل شدة برده والهواء ايضا بارد فيجتمع عليه من البرد ما لا يطيقه فان ضمت الضرورة الى ماء {P.152} النهر فليدخل عليه زبل الآدمى بعد ان يحلى بالماء ثم يسقى به الاكرنب وبهذا يصلح ايضا

فصل: والاكرنب على ضربين احدهما ينجب فى زمن الحر وفيه يوكل وهذا الاكرنب المغلق الرخص المتداخل الادرع والاخر هو المفرق الادرع، وهو الذى يجود فى الشتاء ولا يجود فى الصيف، والاكرنب الذى يوكل فى الصيف يغرس نقله فى شهر مارس وان كان مما يوكل فى الخريف غرس نقله فى ماية وان كان مما يوكل فى الشتاء غرس نقله فى شهر يونيه وعلى هذا يتداول فى الفصول الثلاثة التى هى الصيف والخريف والشتاء وينقطع فى فصل الربيع خاصة، واما الذى يغرس منه فى شهر مايه فأوفق له سواقى الباذنجان والقرع والبصل وما اشبهها وذلك من اجل العمارة الدائمة والسقى المتصل فيصلح الاكرنب فى هذه المواضع صلاحا تاما واحسن ما هو الاكرنب للاكل فى هذا الفصل لان طعمه يطيب فيه الا انه لا يتخلص ولا يطيب الا بكثرة العمارة والماء ومتى عدم ذلك تولدت فيه مرارة وبشاعة فصلاحه ما ذكرناه قبل هذا.

زراعة القنبيط
وجه العمل فيه ان تقطع له الارض احواضا ويطرح فى كل حوض ثلاث قفف من زبل طيب وتزرع فيه الزريعة ثم تحرك بالارض ثم تسقى بالماء سقيتين او ثلاثا فاذا نبت واعتدل نباته قطع عنه الماء ويترك حتى يحتاج اليه وهو ان تراه قد علته دهمة ثم يتعاهد بالماء مرة فى الجمعة وتكون زراعته فى شهر مارس فان فاته ففى شهر ابريل وتزرع مائة حوض منه ثلاثة ارطال ويوافقه من الارض السوداء المدمنة القوية فهذا وجه العمل فى زراعته واما تنقيله وغراسته فبخلاف هذا وسنذكره ان شاء الله

فصل: واذا زرع القنبيط كما ذكرنا ودخل عليه شهر مايه اخذ فى تنقيله والعمل فيه ان تقام له الارض التى ينقل اليها {P.153} احواضا على ما تقدم ويجعل فى كل حوض منها ست قفف من زبل طيب مخدوم وان كان اكثر من ذلك فهذا احسن يحرك الجميع ويطيب ثم يدخل الماء على الاحواض وذلك قبل الغراسة مرة او مرتين لتبرد له الارض ثم يقلع له النقل ويغرس فى هذه الاحواض يرتب منه فى كل حوض صفين بطوله يكون بين اصل وآخر نحو اربعة اشبار ويواظب بالسقى مرتين فى الجمعة فاذا جمح القنبيط وكان فى قدر الاكرنب احضر الزبل الآدمى ثم يحل بالماء ويسقى به القنبيط وبه يتم صلاحه وعلى قدر الزبل يكون طيبه فينبغى ان يكثر له منه ويوافقه من الماء العذب الحلو ويتجنب به الماء المر لانه يستقمل به وتدخله الافة وان توافرت عليه امطار الخريف قطع عنه السقى وقد انتهى القول فيه ان شاء الله تعالى.

فصل: واعلم ان الزريعة التى توخذ من القنبيط وترفع لا تكون من هذا الذى ينقل منه لا تتخلص منه زريعة البتة لكثرة الزبل والسقى وانما تتخلص الزريعة منه اولا قبل التنقيل وهو الذى ذكرناه فى اول العام، ووجه العمل فيه انه اذا نبت وتمكن وظهر نباته دخل اليه ونقش وقلع ضعيفه وترك قوية ولا يزال يخدم ويسقى حتى يبدأ النوار فيه فما كان منه نواره اصفر ترك وما كان ابيض قلع لانه الكرنب فهذا هو الذى يتلخص منه زريعة القنبيط ان شاء الله تعالى.

زراعة بقل الروم
هذا البقل نبات ضعيف رقيق خفيف الماء فهو محتاج الى المواضع المكنة فى فصل البرد ليتخلص ويسلم من العوارض، فوجه العمل فيه ان يعمد الى المشارق المكنة وتقطع له الاحواض فيها وتقام احواضا على ما تقدم من الوصف ويطرح فى كل حوض من الزبل قفتين ويطيب التراب فيه وتزرع الزريعة وتحرك بالتراب {P.154} ليمتزج به ويطيب فيه ثم يدخل عليه الماء ويسقى مرتين او ثلاثا الى ان ينبت ويعتدل النبات ثم يقطع عنه السقى بعد ذلك لانه لا يحب الماء الكثير ويسقى مرة فى الجمعة اذا كان فى الربيع والخريف خاصة ويكون ابتداء زراعته من اول يناير ربما يلحق بعضه بعضا ويتداول فى الزراعة الشهور كلها الا فى نونبر واما فى دجنبر فلا يزرع فيه زريعة ضعيفة وانما يزرع فيه مثل القمح والشعير وما جرى مجراهما من الحبوب القوية الا فى البلاد المعتدلة الرطبة فانه لا ينقطع فيها، واما البقل الذى يكون فى فصل الخريف خاصة فلا يغذيه غير الماء وهو الذى يخلصه فلا ينبغى ان يواظب به ويوافقه فى فصل الحر خاصة ماء النهر واما فى الخريف والربيع فيوافقه ماء البير [البئر] والعين من اجل رطوبته. ويوافقه من الارض السوداء المدمنة السمينة الكثيرة الزبل ويجنب به الارض الرملة والحرشا والمكدنة وتزرع مائة حوض منه خمسة عشر رطلا ان شاء الله

زراعة الاسبناخ
وجه العمل فيه ان تقطع له الارض وتقام احواضا على الصفة المذكورة قبل هذا ثم يطرح فيها الزبل وتزرع الزريعة فيها ويحرك بالتراب ثم تسقى بالماء وتتعاهد به مرتين او ثلاثا حتى ينبت وتعتدل بالنبات ثم يقطع عنه السقى الا ان يحتاجه، وعلامة ذلك ما ذكرناه فيما تقدم فيسقى عند ذلك وينقى من العشب وتنزرع مائة حوض منه خمسة عشر رطلا

ويوافقه من الارض المدمنة والسمينة ان شاء الله تعالى، واعلم ان الاسبناخ قد يلحق بعضه بعضا حتى لا يكاد ينقطع فى العام كله، فمن احب ذلك فلينظر فى زراعته شهرا شهرا وفصلا وفصلا فالبكير منه ما زرع فى اول شتنبر فهذا يوكل فى نصف اكتوبر وينبغى ان يكثر منه فى الزريعة ليلا يدركه فصل الشتاء فيعفنه {P.155} ويضربه لان الذى يوكل فى الشتاء انما هو من زريعة الخريف، فلذلك يصير فى الشتاء لانه قد اخذ من طبعه والفه واما ما زرع فى الحر منه فلا يصبر ولا يدوم فيه بما ذكرناه، وهو الذى لم يكسب من طبعه شيئا وكذلك الذى يوكل فى شهر فبراير انما يزرع فى شهر نونبر لانه مشاكل له وما يقطف منه فى شهر مارس وابريل انما يزرع فى يناير فعلى هذا يتداول، بهذا العمل يرعى ويحفظ. والذى زرع منه فى الخريف يوافقه من الماء الحلو مثل ماء الانهار ويوافقه ايضا ماء الابار والعيون النابعة لرطوبتها واما الذى ينزرع منه فى فصل الشتاء والربيع يوافقه الماء اللين الرطب من سبب الحسومة التى فى الشتاء والرطوبة التى فى الربيع فيكسر من حدة الرد عليه فى الشتاء ويوافقه فى الربيع من جهة طبعه، واما زراعة الزريعة فوجه العمل فيها ان تزرع كما تقدم فى شهر نونبر خاصة، وحكم زرعته ان تخفف زراعته وقدر ذلك ان يكون بين اصل وآخر حدود الشبر فهذه الزريعة تأتى طيبة لا يتخلق فيها ذكار وهى الزريعة النجيبة المحمودة ان شاء الله تعالى

زراعة الرجلة
تزرع الرجلة بكيرة وموخرة فاما ما يزرع منها للاكل خاصة دون الزريعة فوجه العمل فيها ان ينظر الى ارضها التى تزرع فيها ان كانت ارضا سوداء مدمنة وسمينة فينبغى ان تدبر الارض السمينة بالرماد وتقطع تقطيعا جيدا ثم تقام احواضا على ما تقدم ثم يوخذ الزبل الرقيق البالى ويطرح منه فى الحوض ثلاث قفف ويكون ذلك فى المشارق المكنة، وهذا اذا كانت الزريعة بكيرة واذا طيبت الاحواض بالزبل وزرعت فيه الزريعة ثم تحرك مع التراب بمكنسة او باليد ثم يدخل عليها الماء برفق ليلا يذهب بالزريعة ويسقى به مرة واحدة حتى تنبت والا اعيد عليه السقى حتى تنبت وتعتدل فى النبات ثم يقطع عنها الماء ولا تسقى عند {P.156} ذلك الا عند قطعها وتكون زراعتها فى شهر مارس فى اوله ويوافقها من الماء الرطب اللين وتزرع مائة حوض منها خمسة عشر رطلا فى هذا الشهر خاصة

واما ما يزرع منها فى شهر ابريل فعشرة ارطال وما يزرع منها فى شهر مايه فثمانية ارطال لان زريعة الرجلة ضعيفة لا يوافقها الا الهواء الحار وبه تنبت ويتم صلاحها وكذلك تدوم زراعتها الى آخر غشت ولا تزرع فى الخريف ولا فى الشتاء لانها لا تنجب فيه، واما ما يزرع منها للزريعة فوجه العمل فيه ما تقدم وتكون زراعتها مخففة تنزرع مائة حوض منها اربعة ارطال وانما تخفف فى الزراعة لتتسع وتغصن فتكثر بذلك الزريعة فيها وينبغى ان تنقى من العشب وان احتاجب الى نقش نقشت واما الماء فقليلا ما تحتاجه لانها مخصوصة بالرطوبة وهذا وجه العمل فيها.

زراعة اليربوز
زراعة اليربوز نحو زراعة الرجلة حرفا بحرف غير ان الماية [المائة] حوض منه تزرع ستة ارطال اذا زرعت فى شهر مارس، فاما اذا زرعت فى شهر ابريل فتزرع مائة حوض اربعة ارطال من اجل اعتدال الهواء وهذا كله فيما يراد منه الاكل، فاما الذى يوخذ منه الزريعة فتقلع من الذى زرع منه فى مارس وتغرس على امهات او فى الاحواض كغرس الباذنجان فى الخفة وتوخذ زريعته فى غشت هـ

زراعة السلق
تمتثل فى زراعته ما تقدم فى زراعة البقل الا انه لا يطرح فى حوض السلق الا قفة، وتكون زراعته فى شهر ابريل وتنقل فى شهر يونيه وصفة تنقيله ان تقام له الارض التى تنقل اليها احواضا وتقطع تقطيعا جيدا ثم يدخل عليها الماء وتبرد به وتعتدل ثم يقلع {P.157} النقل من موضعه ويغرس فى هذه الاحواض ويرتب فيها ويغرس فى كل حوض ثلاثة صفوف فى كل صف خمسة عشر اصلا لا اكثر من ذلك ويسقى بالماء ويوجد به ويوافق السلق المكان الذى يأخذه فيه الظل ولا تتمكن به الشمس وفيه يصلح بخلاف الاكرنب والقنبيط. ويوافقه من الماء الرطب ومن الارض السوداء المدمنة الرطبة المودكة والارض السمينة وتجنب الرملة الحرشا.

زراعة اللبلاب
وجه العمل فى زراعته ان يعمد الى المكان الذى يزرع فيه ووافق ما له ابنيه الحيطان ويخط فى ذلك الوضع خط بطول الحايط [الحائط] يكون فى عمق الخط مقدار الاصبع ثم تزرع الزريعة فى ذلك الخط ويطرح عليها شىء من الزبل وتغطى به وتسقى بالماء سقية واحدة لتثرى ارضه ويكثر كذلك حتى ينبت ويعتدل بالنبات ثم ينقش نقشا خفيفا ويترك كذلك حتى يكون من قدر الاصبع ويتعاهد بالسقى ثلاث مرات فى الجمعة ثم ينظر فى تغريسه، ووجه ذلك ان يوقف القصب عند اصوله فيطلع عليها ويلوى حولها وقد تمد له الحبال فيتعلق فيها ويوافقه من الارض السوداء اللينة الرطبة الرخوة ويوافقه من الماء الحلو وتكون زراعته فى اول ابريل وهذا النبات اربعة اصناف احدها ازرق والثانى ابيض ينبت فى البساتين، وهذا الضرب منه يلين الطبيعة، وصنف ثالث ينبت فى الاشواط دون نوار ابيض ايضا وصنف رابع ينبت بين العوسج ويتعلق به، له رؤوس مجتمعة بنوار كثير رقيق ابيض فواح ورقه اغبر وفيه لين وافضل هذه الاصناف الازرق والله اعلم

زراعة الشطرية
هذا النبات حار شديد الحرارة ويستعمل فى الاطعمة عوضا عن الفلفل والعمل فى زراعته ان تقطع له الارض وتقام احواضا ثم تزرع الزريعة فى الاحواض ثم يحرك عليها التراب باليد او {P.158} بمكنسة لينة ثم يدخل عليها الماء دخولا لينا وتسقى مرتين او ثلاثا حتى تنبت ويعتدل النبات ثم يقطع عنها الماء وتبقى دون سقى حتى يحتاج اليه ويعرف ذلك بما ذكرناه من العلامة، فما كان ذلك دخل اليها ونقيت من عشبها المخالف لها ثم تسقى بالماء ويواظب به مرة فى الجمعة يكون هذا دأبه الى ان ينبت. وتكون زراعته فى شهر غشت وتوخذ زريعته فى شهر فبراير وتزرع ثلاثة احواض من زريعته اوقية ويوافقه من الماء الحلو ومن الارض السوداء واللينة الرطبة المودكة

زراعة الخس البكير
وجه العمل ان تقام له الارض على ما تقدم من الصفة وتطيب بالزبل الرقيق البالى ثم تزرع الزريعة ثم تحرك الارض معها ليستتر فلا يظهر ثم يدخل عليها الماء وتسقى مرة او مرتين حتى تنبت وتعتدل فى النبات ثم يتعاهد بالسقى مرتين فى الجمعة وتكون زراعته فى شتنبر فاذا كان من النصف من اكتوبر عمد الى المشارق المكنة التى تأخذها الشمس وتتمكن منها الرياح وتدبر الارض فيها تدبيرا حسنا وتقام احواضا وينقل الخس الذى ينبت الى هذه الاحواض وترتب فيها ويكون فى كل حوض خمسة صفوف بطول الحوض فى كل صف منها عشرون اصلا ويسقى بالماء ويتعاهد الى ان يكمل ويبلغ

وهذا هو الخس البكير الذى يوكل فى نصف مارس وتنزرع مائة حوض منه رطل ونصف ويوافقه من الارض اللينة ويصل الخس بعضه ببعض اذا رتبت زراعته فى الازمنة فالذى يوكل منه فى الاعتدال يزرع فى شتنبر وينقل فى شهر نونبر والذى يوكل فى ميه يزرع فى شهر نونبر وينقل فى يناير فهذا رتبته

صفة اخرى فى زراعته: وهى ان تكون زراعته فى شهر نونبر ويجيز اكله فى مايه وهذا افضل الخس واحمده واتمه خلقا {P.159} واحسنه طعما وهو دون مرارة، ووجه العمل فيه ان تقام له الارض احواضا ويطرح فى الاحواض من الزبل الطيب قدر ما يحتاج اليه ويوخذ لمائة حوض من الزريعة نصف رطل ويزرع فى الاحواض ثم يحرك بالتراب لكى يمتزج به وتخفى ثم تسقى بالماء وتتعاهد بالسقى حتى تنبت الزريعة وتعتدل فى النبات، فاذا اعتدلت قطع عنها الماء، فاذا ظهرت الاعين فى النبات اخذ فى نقشه فينقش برفق ثم يدخل عليها الماء ويترك، فاذا همت الارض ان تجف نقش ثانية ويخفف ويجعل بين اصل وآخر نحو شبر ونصف ويتعاهد بالسقى لا تترك ارضه ان تخف [تجف؟] ولا سيما اذا كانت الارض الخشينة القوية فحينئذ يكثر عليه بالماء لان هذه الارض تنشق عند عدم الماء ويسود الخس فيها ولا يعمل شيئا.

ويوافق الخس الماء الحلو لا يوافقه غيره، وهو الخس الذى يوكل فى شهر مايه وهو اطيب الخس واحمده وانما حددنا ان يزرع منه حوض نصف رطل من اجل انه لا ينقل من مكانه

صفة اخرى فى غرسه: وجه العمل فيه ان يعمد الى الارض التى وصفناها وهى السمينة فتدمن بالزبل الطيب الحسن القوى الحرارة وتحرك الارض به تحريكا جيدا حتى يمتزجا ثم تقام الارض احواضا هدفا الى جنب هدف ويدخل اليها الماء وتثرى به فاذا ثريت اخذ النقل من احواضه على حسب ما تقدم ويغرس فى هذه الاهداف ويترتب اصلا بحذاء اصل. وهذا الوجه فى غراسته جيد من اجل انه يشرب الماء من اصوله باعتدال بخلاف الاحواض لان الماء يغسل الاحواض ويغمر ما فيها من الخس فيشربه على غير مهل ولا رفق

زراعة السريس
وجه العمل فيه ما ذكرناه فى زراعة الخس البكير حرفا بحرف غير ان السريس لا ينقل، بل يترك فى موضعه ويواظب بالسقى {P.160} ولا يغفل عنه ووقت زراعته آخر شهر يونيه وتزرع مائة حوض منه رطلا ونصف رطل ويوافقه الارض السوداء المدمنة والرملة البيضا واللينة الرقيقة ولا توافقه الارض الخشنة، وهذا السريس اكثر ما يستعمل فى الادوية لاجل مرارته الا ان يكبس فانه اذا كبس زالت مرارته ويستعمل حينئذ فى الاغذية وصفة تكبيسه ان يزرع كما ذكرنا، ويسقى حتى ينبت فاذا اعتدل فى نباته قطع عنه الماء ثم يعمد الى الارض التى يراد ان ينقل اليها ويكبس فيها وذلك فى اول غشت فتقطع وتقام اهدافا هدفا الى جنب هدف وتكون الخطوط بين هذه الاهداف فاذا كملت على هذه الصفة قلع السريس من موضعه ويغرس فى اسفل هذه الخطوط فى مجرى الماء منها، ويسقى بالماء ويواظب مرتين فى الجمعة فاذا اتخذ السريس وثبت اخذ زبل الآدمى وحل بالماء ثم يدخل على السريس ويسقى به فاذا جمم اتى الى ورقه فضمت حول اصله بعضها الى بعض ويرد التراب من الهدف عليه شيئا بعد شىء فلا يزال كذلك يوخذ من الهدف ويضم الى السريس حتى يرجع الخط هدفا والهدف خطا، فهذا وجه العمل فيه لمن احبه ويوافق التكبيس الارض الرملة البيضاء اللينة الرقيقة ويخير اكله فى شهر اكتوبر ومن احب ان يأكله فى الربيع زرع فى نونبر ثم ينقله فى شهر يناير على ما وصفنا، ولا يحب الماء الكثير فى فصل الربيع خاصة وهذا [وهكذا] ايضا يكبس البسباس يقلع من موضعه ويغرس فى الخطوط كالسريس حرفا بحرف.

زراعة الماميثا
هذا النبات يشبه الهندبا ويعلوه غبرة ويصير فيه عساليج ويكون فى العساليج اقماع وتفقس1 الاقماع عن نوار اصفر فى لون النرجس وهيئة النعمان، ويتخلق من ذلك النوار خروب مثل {P.161} خروب اللوبيا اطرافها كافواه العلق لها منافع كثيرة يركب من نواره اشياق للعين وهو مبرىء للعيون زريعته ايضا تسمن لنساء

والعمل فى زراعته ان تقطع له الارض وتقام احواضا على ما تقدم وتطيب الاحواض بالزبل الرقيق البالى المعفن يلقى منه فى كل حوض قفتان ثم تزرع الزريعة فى تلك الاحواض ثم يحرك التراب عليها بمكنسة او باليد ثم يدخل عليها الماء دخولا ليلا لينزل التراب بالزريعة نزولا جيدا ويتعاهد بالماء حتى ينبت ويعتدل ثم يقطع عنها الماء ويترك حتى يحتاج اليه وعلامة ذلك ما يعلوه من الدهمة، فاذا كان ذلك نقيت من عشبها ويسقى ويتعاهد ويسقى مرتين فى الشهر طول مدة الحر

فاما فى الخريف والشتاء فهو مستغن عن الماء، وتكون زراعته فى شهر شتنبر ويزرع ايضا فى شهر فبراير ويوافقه من الماء الرطب الحلو مثل الآبار والعيون ويوافقه من الارض الحرشا واللينة الباردة وهذا هو العمل فى زراعتها ويعمر نباتها ثلاث سنين وربما اربع اذا صنع بها ما وصفناه


 

1 فى الاصل: تنفس

تسمية أبواب هذا الكتاب وهي ستة عشر بابا الباب الأول: في ذكر المياه الباب الثاني: في ذكر الأرضين الباب الثالث: في ذكر السرقين (السماد) الباب الرابع: في اختيار الأرض وتدبيرها الباب الخامس: في غرس الثمار الباب السادس: وهو باب جامع لمعرفة كيفية ضروب الغراسات الباب السابع: في تشمير الثمار (تشذيب الأشجار) الباب الثامن: في تركيب الثمار بعضها من بعض (التلقيح) الباب التاسع: وهو باب جامع لبعض معاني التركيب وأسراره وغرائب من أعماله الباب العاشر: في زراعة الحبوب من القطاني وما أشبهها الباب الحادي عشر: في زراعة البزور المتخذة لإصلاح الأطعمة مثل التوابل وما أشبه الباب الثاني عشر: في زراعة القثاء والبطيخ وما أشبههما الباب الثالث عشر: في زراعة البقول ذوات الأصول الباب الرابع عشر: في زراعة خضر البقول الباب الخامس عشر: في زراعة الرياحين ذوات الزهر وما شاكلها من الأحباق الباب السادس عشر: وهو باب جامع لمعان غريبة ومنافع جسيمة من معرفة المياه والآبار واختزان الثمار وغير ذلك مما لا يستغنى عنه أهل الفلاحة