Ibn Baṣṣāl, Kitāb al-qaṣd wa’l-bayān.

[P.59] الباب الخامس فى غراسة الثمار

اعلم ان الغراسة تنقسم ثلاثة اقسام زراريع ونوامى ونوى، فاما الثمرة التي يوكل حملها ويكون لها نوى فمن احب ان يزرع ذلك النوى ففى الوقت الذى يحين اكلها فذلك جيد وذلك مثل الجوز واللوز الذى يطيب فى شتنبر فتصلح زراعته فى ذلك الشهر وكذلك الحب والبرقوق وما جرى مجراه لا يزرع الا فى هذه المدة المذكورة، وما كان من الخوخ والرمان والعنب والتين فيزرع فى اكتوبر ونونبر وسيأتى ذلك مشروحا فى موضعه، واما النوامى فتغرس من يناير الى فبراير الى مارس وكذلك يفعل بالاوتاد والملوخ وسنبين ذلك ان شاء الله تعالى

فصل غراسة النخيل يكون فى شهر يناير ووجه العمل فيه ان تؤخذ الثمرة بلحمتها وتشرح على ظهرها خذ1 النقير وهى النقطة التي على ظهر النواة ثم يعمد الى الارض المالحة وتحفر فيها حفرة عمقها ذراع ويخرج تراب تلك الحفرة ويخلط اليه من الزبل مقدار اربعة ارطال فان كان اقل من ذلك او اكثر فبحساب ذلك ويخلط الكل ويمزج حتى يصير شيئا واحدا ويحرك الجميع تحريكا حتى لا يمتاز بعضه من بعض، ثم يرد الجميع فى الحفرة المذكورة وترز رزا جيدا بالقدم حتى يرجع التراب مع ما خالط من الزبل والملح الى حده مستويا مع وجه الارض ثم تأخذ ثلاث ثمرات مشرحة كما وصفنا قبل هذا ولا يكون اقل من ثلاثة ولا اكثر فيحفر فى تلك الحفرة التي ملئت بالتراب والزبل مقدار الاصبع، ويطرح فيها النوى وتكون الظهور منها الى القبلة على هذه الصورة، ويكون {P.60} غلظ التراب عليها نحو غلظ الإصبع ويكون السقى عليها مرتين فى الجمعة وتغذى بالملح فى اول الخريف اذا كانت نابتة ويكشف عن اصولها ويخلط الملح مع شىء من الزبل، فمن ارد [أراد؟] تنقيلها فلا يكون ذلك الا بعد عامين وتخلع عند ذلك النخلة بحوزها وما حولها من التراب فاذا حولت الى المكان الاخر سقيت مرتين فى الجمعة وتنقى النخلة من جرايدها فى زمن الاعتدال وذلك عند مضى عشرين يوما من شهر مارس وهو وقت تحرك الماء داخلها، واذا شمرت النخلة فى غير هذا الوقت المذكور دخل عليها الضرر من موضع القطع فتعتل لذلك لانها ان شمرت فى الصيف خيف عليها الاعتلال من قبل الحر وكذلك يخاف عليها فى الخريف البرد فالوجه لا يتعدى بها ذلك الوقت الذى ذكرناه

فصل غراسة الزيتون يكون فى شهر اكتوبر ووجه العمل فى غرسه ان يؤخذ وتد الزيتون فى هذا الشهر ان كان بكيرا وان كان مؤخرا فيؤخذ فى شهر مارس ويكون طوله ثمانية اشبار ويقطع بصفرته2 وتكون الحفرة التي يغرس فيها معدة يكون عمقها اربعة اشبار وينزل الوتد فى تلك الحفرة ويجعل حوله الجنادل ويرد التراب عليها ولا تملأ الحفرة منة [منه] تترك منخفضة ليكون الماء فيها مستقرا ويستوفى الوتد بانخفاضها شرب الماء ويجعل بين وتد ووتد عشرون ذراعا وهو مذهب أهل الشام، فهذا وجه غرسه ان شاء الله تعالى، وانما قلنا يجعل الجنادل حول الوتد لكى يتغذى الوتد ببردها لان الزيتون حار رطب فاذا فصل الوتد من الثمرة وغرس سكنت الحرارة فيه، فيحرك برد الجنادل تلك الحرارة فتنبه.

صفة اخرى فى غرسه، يؤخذ الوتد ويكون قويا موفرا فى الغلظ يكون فى غلظه نحو الذراع او اغلظ ان امكن ويكون فى طوله ثمانية اشبار ويحفر له حفرة على نحو ما تقدم وينزل الوتد {P.61} فى الحفرة ويرد التراب ولا يسوى مع وجه الارض ويسقى بالماء مرارا وينزل ذلك التراب شيئا بعد شىء فاذا نزل بعد السقى مرارا صرف التراب الى مكانه وسوى مع وجه الارض وانما يفعل ذلك به من اخل ان الوتد اول ما يغرس لا يقبل من لطيف الارض شيئا يتغذى به الا بواسطة وهو الماء لانه يغوص فى الحفرة المصنوعة ويحل اجزاء التراب ويلصقه بالوتد ويقبل الماء لطيف التراب فيتغذى به الوتد حتى يقبل الغذاء من الارض بلا واسطة يجرى عند ذلك الماء فى العود ويتم ان شاء الله

صفة اخرى فى غرسه وهو غرس النوى، ووقته شهر اكتوبر ووجه العمل فيه ان يوخذ من مختاره ويكون زيتونا لم يمسه ملح بوجه، ويغرس ذلك النوى فى قصارى بعد ان يجعل فى القصارى من التراب الموافق للزيتون مثل الارض الخفيفة الحلوة المدمنة كما هى دون زبل، ويجنب به الارض الخشنة العلكة وذلك فى البلاد الباردة خاصة والارض الحرشا، لان الارض العلكة لا يخرقها السقى كذلك، لان قوائمها مغلقة واما الحلوة المدمنة فمسامها مفتوحة يسرى فيها الماء ويخرقها سريعا، فاذا جعل التراب فى القصارى زرع فيها من ذلك الزيتون ما يستحب ويطعم هذا النوى الى اربعة اعوام او اقل وقضيبها فى غلظ الإصبع ونحوه وهو صحيح مجرب ويوافق الزيتون من الارضين، الارض البيضاء اللينة البادرة الرطبة وما شاكلها ان شاء الله

فصل فى غرس الرمان، ووقته فبراير عند جرى الماء فيه ان يؤخذ من اوتاد الرمان ما احببت ثم تأخذ وتدا من بلوط او من عود صليب مثله وتضربه فى الارض فى المكان الذى تريد الغرس فيه ثم تقلع الوتد الذى ضربت وتجعل فى مكانه وتد الرمان وصفتها ان تكون ثلاث ثقب قد ثقبت بالوتد فى موضع واحد وهذا حكم غرس وتد الرمان خاصة ان تكون ثلاثة مجتمعة فى موضع واحد غير مفترقة وترمى عليها بعد ذلك احفانا [أحفانا؟] من الرمل ليدخل بينها ويسد {P.62} الخلل الذى يكون بين وتد ووتد ويجعل بين ثمرة وثمرة ستة اذرع فاذا اكمل المكان بالغرس اجري الماء عليها وارويت بالسقى ويوظب عليها به ويوافق الوتد ان يزرع فى ارضه ما دام الوتد لم يطلع مثل الباذنجال لانه يشجر على الوتد ويصونه من الشمس، ويحتاج الباذنجال ايضا الى الماء الكثير وبه يتم صلاحه ويوافقه من الارض ما مال الى الحلاوة والرطوبة وكان ودما

صفة اخرى فى غرسه ، وهو غرس النوامى ووجه العمل فيه ان تؤخذ نوامى الرمان وتغرس فى حفرة عمقها شبران لا اكثر لانه بخلاف غيره من الثمار، لانه يلبس الارض بأصوله. وينبغى ان يكون غرسه متقاربا بعضه من بعض يجعل بين ثمرة واخرى ستة اذرع كى تتغلق ارضه ويتصل ثمره ولا تدخل الشمس فى ارضه لانه متى تمكنت به الشمس جسمت حبه داخلا وطبخته، والمظلل منه ترق بشرته ويصغر نواره ويلين، وينبغى ان يكثر عليه بالماء عند السقى، فهو ايضا مما يوافقه لانه يغلظ به حبه ويعظم ويأتى حسنا، جميل اللون وما قربت ارضه من الماء كان احسن له وتجنب له الارض الحرشا والغليظة التي لا رطوبة فيها لانه يتحسم فيها ويدق حبه ويبيض فالوجه ان يعتمد به ما قلناه ان شاء الله

صفه [صفة؟] اخرى فى غرسه، وهو اتخاذه من زريعته بعد عصرها وتنشف فاذا جفت رفعت الى الوقت الذى تزرع فيه وهو شهر يناير ثم تزرع كزريعة الأحباق وتحرز بالماء حرزا جيدا فاذا كان بعد عامين نقلت تلك النوامى الى موضع ترتب فيه ويطعم هذا الغرس الى ثلاثة اعوام وهو صحيح لا شك فيه، وتوافقه الارض الرملة الحلوة كما ذكرنا والارض الرخوة وهى اللينة3 ويجود والارض القوية اذا صحبها الماء الكثير. وينبغى ان الا يشمر شجر الرمان بحديد ولا غيره وتترك ثماره شعثة كما هى لانها من الثمار التي لا يراد ارتفاعها الى الهواء فحكمها ما قلناه ان شاء الله.

{P.63} فصل فى غرس السفرجل، اما النقل من السفرجل والعمل فى غرسه ان يؤخذ نقله ويعمل له حفر يغمق كل حفرة منها شبران لا اكثر من ذلك ويغرس النقل فى تلك الحفرة ويرد التراب عليها ولا تملى الحفرة منه ليستنقع الماء داخلها ويقرب بين اصول الشجر، بل يكون بين ثمرة واخرى ستة اذرع لا غير كما يفعل بالرمان وعلتها واحدة وكذلك يوافقه من الارض الحلوة وهو محتاج الى الماء الكثير وينبغى ان يجانب به الزبل لانه سمه وسم اكثر الرمان، وان تمكن غرسه على مقربة من الماء كان احسن له وينبغى ان يترك دون تشمير كما يفعل بالرمان كذلك يزرع فى ارضه ما دام مكشوفا ما يحتاج الى الماء الكثير مثل الباذنجال وما جرى مجراه ويعمل فى غرس وتد السفرجل كما ذكرنا فى وتد الرمان، وهو ان يعمد الى وتد السفرجل الملائم منه الناعم ويقطع ثم يعمل فى غرسه كما ذكرناه فى وتد الرمان حرفا بحرف ان شاء الله

صفة اخرى وهى اتخاذه من زريعته ووجه العمل فى ذلك ان تأخذ زريعة السفرجل ويعمل لها احواض وتزرع كما تزرع زريعة الحبق ثم توخذ قطعة من حصير وتبسط على الحوض وشىء من الرمل مقدار غلظ التراب حتى لا يظهر منه شىء. ويكون فرش الرمل على الحوض معتدلا، فاذا فرغ من ذلك ادخل عليه الماء ويسقى به سقيا جيدا معتدلا ويواظب به ولا يترك دون سقى ليبقى برطوبته، ولذلك يفرش عليه الرمل ليلا يضرب به الهواء ولتعدل به الرطوبة فى الحوض، ثم يترك فى تلك الاحواض كما هو حتى يمضى عليه عامان، فاذا كمل العامان نقلته حيث احببت ويوافقه من الارض نحو الذى يوافق الرمان ووقت غرس السفرجل من النوامى والاوتاد والزريعة شهر يناير خاصة

فصل فى غرس التفاح العمل فى هذا التفاح، ان تقلع ولا تنقى وتترك كما هى، لا يحذف منها شىء. ويعمد الى الارض يغرس فيها حفر فى عمق كل حفرة ثلاثة اشبار، ويكون بين حفرة واخرى {P.64} اربعة وعشرون شبرا لا اقل من ذلك، ويغرس النقل فى تلك الحفر ويرد عليها التراب وتسقى بالماء فاذا صارت النامية منه فى غلظ الذراع فلا تمس بحديد عند التشمير، وانما يشمر اذا كان صغيرا لانه ينجبر موضع القطع منه صغيرا، واما اذا صار الغلظ نحو ما ذكرناه وفوقه ومس بالحديد دخل اليه الضرر واعتل من اخل ذلك، ولا تنجبر الاماكن المجروحة ومنها تندفع المواد المضرة الى نفس الثمرة وهو كالسم لها، وينبغى ان يجنب الزبل ويحتفظ منه فيها لانه يهلكه سريعا اذا اكثر عليه منها، وان كان شيئا يسيرا لم تسأل عنه، وينبغى ان يتعاهد بالسقى ولا يغفل عنه ووقت غرسه شهر يناير وفبراير ويوافقه ايضا الارض الحرشا اذا صحبه الماء الكثير ان شاء الله

صفة اخرى وهى غرس ملوخ التفاح، ووجه العمل فى ذلك ان تأخذ  الملوخ خاصة ويقصد منها الى القضيب المعقد وهو احسن من الاسبط ثم يغرس من تلك الملوخ فى احواض معدة لها وتغرس لفافا على استواء واستقامة لتشرب الماء شربا معتدلا ويواظب بالسقى ويتعاهد به وتترك على تلك الحالة عامين. فاذا كان بعد العامين نقلت وحفر لها فى الارض التي تنقل اليها حفرا يكون فى عمق كل حفرة منها شبران ويكون بين حفرة واخرى اربعة وعشرون شبرا فاذا كملت الغراسة جعل التراب حولها وسقيت بالماء وارغد لها منه وتتعاهد به ابدا وغرس الملوخ غرس جيد لانه اذا فصل من الثمرة وجعل فى الحوض واكثر عليه بالماء خرج فيه اللحا سريعا وصارت له الاصول القديمة والفروع النابتة المستحكمة وهو افضل غراسات التفاح ان شاء الله

فصل فى غرس شجر التين وجه العمل فى غرس النقل منه ان توخذ النقل فى شهر نونبر، وفى هذا يكون غرسها ويحفر لها فى الارض حفر يكون فى طول كل حفرة منها اربعة اشبار وفى عرضها شبر وفى عمق الحفرة ثلاثة اشبار ويوخذ القضيب من {P.65} التين ويمد فى قاع الحفرة يرقد بطولها ويقام فى جبهة الحفرة طول الكعب الى وجه الارض ويرد عليه التراب ويسقى بالماء سقيتين او ثلاثا ويترك كذلك بلا سقى لان امطار الشتاء تغذىه [تغذيه] الى وقت الربيع فاذا كان فى فصل الربيع اطلق عليه الماء وادمن [أدمن؟] عليه السقى الى اول الخريف ثم يترك بلا سقى لان امطار الشتاء تغذيه وان هو سقى فى الخريف ودخل عليه البرد المفرط احرقه واهلكه سريعا لفرط رخوصته وتنعمه واذا لم يسق فى الخريف صلب قوة ودخل عليه فصل الشتاء وجده قويا ثابتا ويجعل فى الغرس بين شجرة واخرى خمسة عشر ذراعا، لان شجر التين يدرج فلذلك توسع له فى المسافة وهو احكم غرسه ان شاء الله

صفة اخرى وهى تكبيس فروعه ووجه العمل فى ذلك ان تقصد الى الفروع التي تقوم حول الشجر ويحفر لها حفر طويلة وتوقر فيها الفروع وتخرج اطرافها على وجه [الارض؟] ويطرح عليها التراب وتترك على تلك الحال حتى تتم عامان فاذا كان بعد العامين قلعت التكابيس بحرزها وما لصق فيها من التراب ويكون ذلك فى النصف من مارس ويجعل لها فى الارض التي تنقل اليه [إليها] حفر يكون فى عمق كل حفرة ثلاثة اشبار ويكون بين كل حفرتين خمسة عشر ذراعا ويرد التراب على تلك التكابيس فى الحفر ولا تملأ الحفرة ويرد الماء عليها ويسقى سقيا جيدا دائما حتى تجلس الثمرة وتتمكن فاذا تمكنت واستوفت من الماء حقا ولصق التراب بها وجذبت الغذاء من الارض، فعند ذلك يرد التراب وتملا الحفر منه وتتعاهد بالسقى ولا يغفل عنها لان الماء حياتها وحياة سائر الثمار والنبات والثمر اذا عطشت قل ما تنجب لا سيما ان كانت صغارا اول ما تغرس واكثر ما يخاف عليها عند ذلك، من اخل ذلك تحتاج الى التعاهد بالماء حتى تكون كبارا

صفة اخرى وهى غرس الاقلام، ووجه العمل فى ذلك ان تقصد الى الشجرة المستحسنة وتأخذ من عيونها على قدر ما {P.66} تحتاج إليه ويكون فى طول كل عين تأخذه شبرا ونصف شبر ونحوه، ويكون ذلك فى النصف من مارس وقت جرى الماء فى العود ثم تغرس فى الاحواض لفافا فاذا كان بعد عامين قلعت من تلك الاحواض وغرست فى الاماكن التي يراد غرسها ويحفر لها حفرا ويبعد بعضها من بعض كما ذكرنا قبل هذا، ويرد التراب عليها ويحال عليها الماء وتتعاهد به ويوافقها من الارض الهزلة الرملة والمكدنة والمدمنة ولا يقصد بها الارض الكريمة لانها تتنعم فيها ويدخل عليها فصل الحر والبرد فيحرقها، ومما يدل على ذلك ان شجر التين يوجد فى الصخور والجبال والاماكن الحرشة اليابسة وقلما تجدها فى الارض الكريمة ولا على الاودية الا فى النادر ولا يطول مكثها الا مدة يسيرة وقد صح هذا كله من امره ان شاء الله

صفة اخرى وهو اتخاذ الشجر من الزريعة ووجه العمل فيها ان نوخذ زريعة التين اليابس وتغسل غسلا جيدا وتنشف بعد الغسل وتكون زراعتها فى شهر مارس وتعد لها الارض وتطيب بزبل معفن طيب رطب وتزرع كزريعة الحبق ثم يفعل بها كما تقدم فى زريعة السفرجل والتفاح من جعل قطعة الحصير والرمل على حسب ما ذكرناه هنالك فاذا فعل ذلك بها فان تمادى الهواء عليها وخيف عليها ان يجف ارضها سقيت بالماء سقيا معتدلا ويكون رشا ويتلطف عليها فادخالها به وجريه على الارض وما دامت الزريعة لم تنبت لم يضرها عدم السقى ولا كثرته وانما يخاف عليها اذا نبتت، وهذا فى زريعة التفاح والرمان والسفرجل لان زراعتها فى الوقت الباكر فقلما تحتاج فيه الى الماء، واما زريعة التين فوقت زراعتها متصل بالحر فلا بد لها من الماء قبل نباتها فاذا نبتت زريعة التين فينبغى ان يتحفظ فى سقيها ولا يتكثر لها بالماء فى اول ما تنبت لانها تستضر به، لكن تسقى بالماء مرتين فى الجمعة وكذلك ما ذكرنا من الزراريع المتقدمة لا يوافقها الماء الكثير اول نباتها، واما قبل النبات فلا يضرها ما تشرب منه. {P.67} وتترك بعد الزراعة عامين، فاذا تمت لها عامين صار شجرا كبيرا مستحكما قويا ثابتا وتزرع زريعة التين اول شهر مارس لانه شجر سريع الحريق اليه لا سيما اذا كان صغيرا ضعيفا فلذلك اخر الى هذا الوقت فاذا تمت العامان أعدلت له الارض وغرس فيه وجعل بين شجرة واخرى خمسة عشر ذراعا، ومن اراد استعجال الاكل من هذا الشجر فليأخذ قضبانها فى العام الثاني ويركبها فى غيرها من الشجرة التي لا يستحسن، فاذا فعل ذلك بها نال خيرها فى اقرب مدة ولم يحتج ان ينظر الزريعة حتى تكون شجرا وهو وجه جيد ان شاء الله

فصل فى غرس الاجاص وهو غرس النوامى ووجه العمل فيه ان تأخذ النوامى فى الحفر ثم يرد التراب عليها ولا تملا الحفر منه ولا يرزم التراب حول النوامى، لانه اذا كانت الحفر غير ممتلية بالتراب غير مدكن استقر الماء فيها وبقيت الرطوبة حولها حتى يردها سقي آخر ويجعل بين حفرة وحفرة خمسة عشر ذراعا لا اقل من ذلك، ويكون غرس هذا النامى فى شهر اكتوبر وينبغى ان يتعاهد بالسقى ولا يغفل عنها ويوافق الاجاص من الارض اللينة ويجود فيها لا سيما اذا كانت رخوة، ويكون طعمه لذيذا وكذلك يفعل فى الارض الخشنة اذا صاحبها الماء الكثير ويتناهى فى الجودة، ويعظم ثمره واذا غرس الاجاص فى الارض الحرشا المحمومة الجبلية لم يجد فيها واتى رديا محموما فالوجه فيه ما ذكرنا ان شاء الله.

صفة اخرى وهى اتخاذها من الزريعة لمن اراد استجلابه من بلد الى بلد ونحو ذلك، ووجه العمل فى ذلك ان تأخذ من ثمره ما احببت وتأكله وتخرج زريعته وتصونها حتى تلحق بالبلاد فاذا جاء وقت زراعتها وذلك فى شهر يناير ودخل عليه الوقت اخذت القصارى وجعل تراب طيب موافق لها مثل ما تقدم من تراب اللينة اللزجة والودكة الرطبة وتطيبها بشىء من الزبل البالى {P.68} الرقيق منه ويزرعها فى الوقت المذكور فى تلك القصارى المعدة ويطرح عليها من الزبل شىء يسير صيانة لها عن الهواء وتتعاهد بالسقى على حسب ما تقدم لنا ذلك فى الزراريع ومن الرمان والتفاح وغيرها ويتركها كذلك عامين ثم ينقلها الى المكان الذى يريد ان يغرسها فيه ويحفر لها حفرا يكون بين حفرة واخرى خمسة عشر ذراعا وفى عمق كل حفرة ثلاثة اشبار ويمتثل بها ما قلناه من ضم التراب حولها وان لا تملأ الحفرة منه كما شرطنا وادمان السقى عليها والمواظبة به ان شاء الله

فصل فى غرس حب الملوك، ووجه العمل فيه مثل ما تقدم فى غرس الاجاص من نواميه وزريعته حرفا بحرف غير ان وقت غرسه انما يكون فى شهر يونيه، والوقت الذى يوكل فيه ويتأخر نباته الى اول مارس لا يخطى وقته ويمكث تحت الارض نحوا من عشرة اشهر فاذا نبتت الزريعة تركت فى القصارى كما هى، حتى يمضى على النبات عامان، ثم تنقل من القصارى الى الارض التي يراد غرسها فيها ويفعل فيها كنحو ما تقدم فى الاجاص وغيره ان شاء الله

صفة اخرى فى غرسه ايضا وهى جلب نوامى الحب من الجبال ووجه العمل فيها ان تقصد منها الى الناحية التي تريد قلعها وتحفر لها الارض من جهة حتى تقلعها وتتحفظ وقت الحفر فى تقليعها الا تقلع شيئا من عروقها ولحامها وجميع ما يندفع من اصلها ويتحفظ بذلك جهده فانه ان قطع بعض عروقها لم تنبت بوجه ويبست سريعا، وكذلك يفعل بنقل اللوز وعيون البقر وكل ما له صمغ ينبغى ان يتحفظ به وليست فى ذلك مثل التفاح والاجاص وما اشبهها من ذوات المياه، فان هذه تنبت انقالها وان مضى نصفها، وليست كذلك ذوات الاصماغ

فصل فى غرس نوى البرقوق، وجه العمل فيه ان توخذ نواه ويعمل له احواض ويزرع فيها النوى ويكون ارتفاع التراب عليها {P.69} مقدار اصبعين، ووقت غراسته فى اول نونبر ويوافقه من الارض ما مال منها الى الرطوبة والحروشة ويترك عامين ثم ينقل حيث يراد تنقيله ويتحفظ به عند ذلك من قطع العروق وجميع ما يندفع من الاصل، وان قطع بحرره4 كان احسن له ثم يحفر له الحفر يكون فى عمق كل حفرة ثلاثة اشبار ويرد التراب عليها ويجعل بين ثمرة واخرى اثنا عشر ذراعا لا اكثر من ذلك، ويسقى النقل بعد الغرس ويجود البرقوق فى الارض اللينة ويتناهى فى الجودة ويتنعم الا ان الحريق يسرع اليه لرخوصته، واما الارض الحرشا الرطبة اذا غرس فيها جاد عوده ودخل الحريق عليه ولم يؤثر فيه، وان هو غرس فى ارض محجرة او رمل اتى حبه حبا دقيقا لا يعظم لان مواد هذه الارض ضعيفة لرقتها وهزالها الا ان عوده فيها يصلب فان كان فى الارض الرملة خوخ وركب فيه البرقوق جاد، وكذلك ايضا يفعل فى اللوز وعيون البقر ولا يتصرف فى انواع الغراسة كتصرف غيره لانه من ذوات الاصماغ وانما له غرس النوى ويركب بعد ذلك ولا يوخذ منه وتد ولا ملخ فاعلمه

فصل فى غرس عيون البقر، العمل فيه ان تهيا له الارض بالزبل الرقيق البالي ثم تقام تلك الارض احواضا ويزرع فيها النوى يجعل بين نواة واخرى قدر شبر ويجلس كل نواة منها باليد ويبسط عليها الرمل على قدر غلظ الاصبع ويسقى بالماء فى الجمعة مرة، ووقت غراسته فى شهر يونيه وهو وقت اكله ويتأخر فى نباته الى شهر مارس، فاذا نبت ترك كذلك ويسقى مرة فى الجمعة طول مدة الهواء الرطب، فاذا دخل عليه فصل الحر سقى مرتين فى الجمعة. فاذا تم له عام واحد اعد له المكان الذى ينقل اليه وذلك ان يحفر فى ذلك المكان حفر يكون فى كل حفرة منها ثلاثة اشبار ويكون بين حفرة واخرى نحو عشرة اذرع لانه ينبغى ان يكون مضموما بعضه الى بعض وذلك مما يوافقه


{P.70} ومن اراد ان يزرع كل النوى طول مكثها تحت الارض من الزراريع الضعاف مثل الكزبر والبقل وغيره ليلا يتعطل ارضه فعل ذلك ان احب. وكذلك يساير النوى كله وينبغى ان ينظر الى النوى الذى يتأخر والذى يشرع5 ليكون الذى يزرع اليه من الخضر يتم قبل نبات النوى وعيون البقر تركب فى بعض الثمار مثل الحب والبرقوق وغيرها وكذلك ايضا يركب هو فيه، وسنذكر ذلك ان شاء الله

صفة اخرى وهى غرس النوامى، ووجه العمل فيه ان تقلع النوامى باصولها وان يترفق بذلك بان يكشف على ما غاص من اصولها وتشعب من عروقها ثم تنقل الى الارض المشاكلة لها وتحفر لها فيها حفر على نحو ما تقدم وصفه فى الباب الذى قبل هذا ويوافقها من الارض اللينة الرطبة والارض السمينة وفيها تصلح وتجود ويغلظ لحمها ويتعسل ماءها [ماؤها؟] ووقت غراسة النوامى فى شهر يناير

فصل فى غرس الخوخ، ووجه العمل فيه ان يوخذ نواه وتصنع له احواض ويزرع النوى فى تلك الاحواض ويطرح التراب عليه قدر اصبعين ويكون ذلك فى وقت اكله وهو احسن ما يكون له وهو اول اكتوبر ويتأخر نباته الى شهر مارس لا يتجاوزه فاذا نبت ترك كما هو بعد نباته ويتعاهد بالسقى على قدر ما يحتاج اليه من ذلك فاذا تم له عام هيئت له الارض التي يراد ان ينقل اليها بان يحفر فيها حفر يكون فى كل حفرة منها ثلاثة اشبار ويرد عليها التراب ولا تملأ الحفرة منه من اخل السقى حتى تسقى مرة وثانية وبعد تملأ الحفرة من التراب ويكون بين ثمرة واخرى عشرة اذرع لانه لا يتسع شجره ولا يعظم ولا يعم ويوافقه من الارض الحرشا ويأتي الخوخ فيها بيضا طيبا ويوافقه ايضا الارض الرخوة الا ان الخوخ يكون فيها اخضر طيبا للاكل لذيذا ويوافقه {P.71} ايضا الارض الرملة اذا كانت غير مضرسة الا ان يكون تضريسها يسيرا فلا بأس بها، واعلم انه لا تقوم ثمرة الخوخ الا من نواه [نواة؟] خاصة ولا يوخذ منه وتد ولا ملخ ولا نامية. ويتركب الخوخ بعضه من بعض ويتركب ايضا من البرقوق واللوز وما شاكلهما

فصل فى غرس اللوز ووجه العمل فيه ان يوخذ النوى الطيب منه ويعمل له احواض وتزرع فيه ويكون ذلك فى شهر شتنبر وهو وقت جمعه وضمه ويغطى بالتراب تغطية لطيفة يكون التراب عليها مقدار ثلاثة اصابع، فاذا نبت ترك فى ذلك المكان الذى نبت فيه حتى يمضى عليه عام فاذا مضى عليه عام نقل عند ذلك الى الارض التي يراد نقله اليها ولا يكون تنقيله الا فى شهر يناير لانه يسرع باللقح ويحفر له حفر يكون بين حفرة واخرى اثنتا عشر ذراعا ويتلطف به عند التنقيل الا يزول شىء من عروقه واصوله فاذا غرس فى حفرة جعل التراب حول النقل وسقيت بالماء كى يعقد الارض عليها ويوافقه من الارض المحجرة والرملة والخشنة والسهلة والوعرة واللينة لانه قوى فى ذاته طيب فى عوده ماؤه رقيق ينجذب الغذاء اليه سريعا وهو ان كان من ذوات الاصماغ فانه يفضلها ويختص باشياء ليست فى سواه من ذوات الاصماغ وان ترك اللوز فى المكان الذى زرع فيه نواه ولم ينقل الى موضع سواه كان احسن له لان النقل يوهنه ويجيره، فمن احب ذلك فليحرث له الارض او يحفرها ويزرع فيها النوى كما تقدم ذكره ويجعل بين نواة واخرى اثنا عشر ذراعا ويعلم على كل نواة بعلامة وهو ان يوقف عليها عود، او ما امكنه لئلا يمر عليها الحفر فيقلعها اذا كان المكان مما تأخذه العمارة قبل نبات اللوز فاذا انبت لم يحتج الى علامة ويتركب اللوز فى البرقوق والخوخ والحب وعيون البقر وما جرى مجراه

فصل فى غرس الجوز، وجه العمل فيه ان تأخذ الجوز الطيب المنتخب ويعمل له احواض يطيب كل حوض منها بثلاثة قفف من {P.72} الزبل الرقيق ثم يغرس الجوز ويرد التراب عليه مقدار ثلاثة اصابع

ويكون هذا العمل فى شهر شتنبر خاصة وهو وقت ضمه وجمعه ووقت نباته شهر مارس لا يتجاوزه فان لم يتمكن غرسه فى شهر شتنبر غرس اول نونبر وغرس شتنبر احسن لانه فى ذلك الوقت ممتلى من لحمه، واذا ترك الى نونبر كما قلنا دخلت بعضه الدواخيل مثل الخمج واشباهه فاذا نبت ترك فى الاحواض التي غرس فيها عامين ثم يعد له المواضع التي تنقل اليها بان يحفر فيها حفر يكون فى عمق كل حفرة ثلاثة اشبار وبين حفرة واخرى عشرون ذراعا ويرد التراب عليها وتسقى بالماء لتتصل الارض بالثمرة ولا يكثر عليه بالماء كغيره من الثمار، لانه لا يحب الماء الكثير وكثرته تهلكه وتقطعه كان صغيرا او كبيرا لان الماء يضاده لان طبعه الحرارة واليبوسة وهو طبع النار ولو سقيت فى العام اربع مرات او خمسا لوافقه ذلك من اخل حرارته وجميع الثمار التي تغرس قريبا منها تفر عنها وما لحقت منها قتلتها واهلكتها لان للجوز انفاسا حارة فلا يصطحب من اخل ذلك معها شىء من الثمار الا شجر التين فانها تتفق معها بعض الموافقة

ويوافق الجوز من الارض الرخوة اللينة والارض الرملة الا انه فى الارض الرخوة اللينة اسرع قياما واكثر تنعما وذلك لاخل البرودة التي فى الارض الرملة

وان ترك الجوز فى المكان الذى كان فيه اول مرة كان احسن له، لان النقل يوهنه ويضره لان العارض تدخله ما بين قلعه وغرسه من الريح او البرودة او اختلاف الهواء فتنكس لذلك حرارته الغريزية فتركه دون تحويل احسن له واطول لعمره ان شاء الله

صفة جيدة فى غرسه، وهذه الصفة تزيد فى عمره ووجه عملها ان يحفر لها حفر على نحو ما ذكرنا قبل هذا بعد ان تعدل الارض وتقسمها قسمة معتدلة لتأتي الثمار فيها مسطرة على استواء {P.73} ويجعل فى كل حفرة منها نواتين او ثلاثا، لكى ان خابت الواحدة ضربت الثانية فاذا نبتت وقامت خفف منها ما لم يحتج اليه ويرد التراب عليها مقدار ثلاثة اصابع ويعلم على مواضعها من اخل التصرف الذى يكون بينهما للحفر والجرد والسقى اللطيف والنظر الحسن مثال التشمير وقت صغرها

ولا يجود الجوز الا فى البلاد الباردة المفرطة البرد التي غلب على رطوبتها لان هذا الهواء يكسر من حدة حرارته فيتحرك بذلك ويتغذى بالبرودة، واما البلاد الحارة فلا يطول مكثه فيها وينبغى اذا كبرت ان يتحفظ بها وقت تشميرها، واما فى صغرها فلا يسأل عن ذلك والجوز لا يركب فيه ولا منه، وذلك من سبب حرارته والقوة التي ذكرنا والله اعلم.

فصل فى غرس الجلوز من نواميه، وجه العمل فيه ان توخذ النوامى من اصول الثمار ويحفر لها حفر فى عمق6 كل حفرة منها ثلاثة اشبار وفى طولها مثل ذلك ويجعل بين ثمرة واخرى عشرة اذرع ويكون عرضها شبرا وتمد النقلة فى اسفل الحفرة ويقلع ما بقي منها مع الكعب والكعب هو جنة الحفرة على نحو ما ذكرناه فى غرس قضيب التين، فاذا فعل ذلك بها رد التراب عليها ويرز رزا خفيفا لينزل قليلا ثم يطلق الماء عليها ولا يغفل عن سقيها وتكون ارضها ابدا رطبة غير جافة وان هى عطشت لم تنجب وينبغى ان تغرس عند مجارى الماء لانها اذا كانت بقربها تغذت منها ولم يحتج الى سقيها كل يوم وبهذا العمل تصلح وتنجب

ويوافقه من الارض الرخوة والملحفة7 وذلك لان هذه الارض مسامها مفتوحة فيخرقها الماء والهواء ويصل الى اصول الجلور فلذلك اختير له هذه الارض لاحتياجه الى الماء الكثير وبه يتم صلاحه ووقت غرس هذه النوامى شهر يناير


{P.74} صفة اخرى وهو غرس النوى، ووجه العمل فى هذا ان يوخذ النوى ويعمل له احواض ويطيب بشىء من الزبل الرقيق البالى ثم يزرع فيه النوى ويغطى بالتراب ويكون التراب مما يوافق الجلوز من الارض التي ذكرنا وهى الرخوة والمضرسة ويكون ارتفاعه عليه اصبعين لا اكثر من ذلك ويجعل على الاحواض من الارض المضرسة على قدر غلظ نصف الاصبع ثم يسقى مرتين او ثلاثا الى ان يلحقه امطار الخريف والشتاء فيترك سقيه عند ذلك اذا تواترت عليه الامطار ووقت غرسه اول اكتوبر وهو ابان اكله ويحين8 نباته فى اول شهر مارس لا يتجاوزه. فاذا نبت ادمن عليه السقى ويترك كما هو حتى يتم عامان فاذا كان بعد ذلك نقل الى المكان الذى يراد تنقيله اليه وتحفر له حفر يكون عمق كل منها ثلاثة اشبار وهى فى هيئتها على خلال الحفر التي حفرت للنوامى ويكون بين حفرة واخرى عشرة اذرع ويتحفظ به عند قلعه للتنقيل وذلك انه ينبغى ان يقلع باصوله تامة ويغرس فى الحفرة المصنوعة له حوله ولا تملأ الحفر بل تترك منخفضة لانه يحب الماء الكثير الدائم كما ذكرنا قبل هذا واعلم ان ثمر الجلوز الذى هو ثمره يخلق من غير نوار

فصل فى غرس الكرم الصحراوى، وهو الذى لا يسقى وجه العمل فيه ان ينتخب القضيب وينجر وهو القضيب الذى يخرج فى البالى ويكون فيه العنب ويكون اخذه وقت الزبر الا ان يتأخر الزبر لامر فيوخذ القضيب وقت الحاجة اليه، وينبغى ان يكون غرسه باثر قطعه لا يوخر عن ذلك ساعة ان تمكن ذلك وهو القضيب الذى يقوم فى البالى وهو الذى اردناه، وهو قضيب معقد لا يشبه غيره من القضبان فان لم تكن له نهضة فى الطول وكان غيره اطول منه فانه لا يلحق بهذا القضيب الموصوف فى الجودة، ومن الناس من يقصد الى القضب الباهية الطويلة دون هذا القضيب وذلك {P.75} لقلة معرفتهم، لان القضبان فى اصل الثمرة تختلط بعضها مع بعض وتزدحم فى الضرف لكثرة ماء الثمرة فمنها ما يخرج فى واجب وفى حقه، ومنها ما يخرج فى غير واجب


واعلم ان ثمرة الكرم اذا اندفعت المواد للجرى فيها، فاول ما يتحرك الاهم فالاهم واٌلاقوى فالاقوى، واول ما يلقح قضيب العنب ويظهر العنب قبل ظهور العنب9 ويبدو وهذا هو القوى فى القضبان، وفيه جوهر الزرجونة وقوتها فاذا حمل هذا القضيب على ما وصفناه فليحفر له فى الارض التي يراد غرسها حفرا يكون فى عمق الحفرة منها ثلاثة اشبار وفى طولها مثل ذلك وفى العرض شبر ويكون قطع القطيع وغرسه وحفر الحفرة له فى وقت واحد وتعدل صفوف الحفر لتأتي الثمار على استواء ثم يوخذ القضيب ويمد فى الحفرة فما بقى منه اقيم مع طول الكعب الذى هو جبهة الحفرة فما خرج منه على وجه الارض نظر اليه فان كان طويلا قطع منه وترك فيه ارتفاع العقدتين

واذا غرس هذا الكرم الصحراوى اول نونبر كما ذكرنا لحق بالخريف وغذاه ويكون القضيب كانه فى الزرجونة لم يقطع ويدخل عليه فصل الشتاء فيغذيه بالامطار الدائمة فيكون القضيب وقت اللقح قد اكتسى موضع القطع منه لحمته وغلظ الطوق من موضع القطع وعمل القضيب تحت الارض وتكونت المادة فيه وقوى فيدفع دفعا قويا صاعدا وهابطا ثم تردفه العمارة الحسنة فى عقب ذلك فيتم صلاحه وتزاد بركته ويعرف نفعه ان شاء الله. وانما شرطنا فى الحفرة ان تكون من ثلاثة اشبار ليبعد ضرر المسحات عن القضيب ولولا ذلك لكفاه شبر واحد. وشركنا ان يكون القضيب معقدا لتكثر اصول الزرجونة لان على قدر تعقد القضيب تكون المواد التي ترتفع اليه وتغذيه

{P.76} واعلم انه اذا كانت ارض الكرم الصحراوى مرملة وخمة كان ذلك موافقا له، لان الماء يغوص فى هذه الارض غوصا جيدا ويصل الى عروق الكرم فيغذيه غذاء حسنا ويصلح فيه الزرجون ويأتي عنبه طيبا غاية الطيب ويطيب فى اول وقته وكذلك يأتي زبيبه طيبا ايضا، فان كانت الارض قوية حسنة او ارض سمينة علكة واردت غرسها فالوجه فيها ان يحفر الحفر على ما وصفنا ثم يبسط القضيب فيها ويملا الحفرة من الرمل فيكون القضيب اصله مبسوطا فى التراب القوى وحوله الرمل البارد وعلى الرمل التراب الحسن فاذا فعل به هذا لم يسأل الكرم عن القحط ويشرب الماء شربا قويا، لان الرمل اذا نزل عليه الماء ابتلعه بسرعة واوصله الى اصل الزرجونة واستقر فى قاع الحفرة وحبس الرطوبة حول الزرجونة، وان كانت السنة قليلة المطر كثيرة الحر لم يصل الى الزرجون من ذلك شىء لان الرمل ابدا بارد يمسك الرطوبة ويغذى الزرجون غذاء معتدلا ومتى لم يعمل بهذه الارض ما ذكرناه واتفق لها محل اضر بالزرجون ضررا بينا.

صفة اخرى وهى غرس الدوالى الكبار، وجه العمل فيها ان يقصد الى الدوالى التي قد تباينت فى العظم وطعنت فى السن فتقلع قبل ان تزبر ويتحفظ فى قلعها باصولها ويخرج فروعها المخالفة لها ويترك فرع واحد مقوم بقضيبه ثم يحفر لها حفر يكون فى طول كل حفرة منها خمسة اشبار وفى عمقها اربعة وفى عرضها شبر وتكون الدوالى التي قد فعل بها ما قلناه من التحفظ واخراج الفروع قبل الزبر فاذا فعل ذلك بها واخرجت رؤوسها المفترقة كلها وصرفت الى رأس واحد لقضيبه ثم تغرس تلك الجفنة كما هى فى الحفرة المصنوعة لها وترقد مبسوطة فى اسفل الحفرة كما فعل بالقضيب المتقدم الذكر ويقام القضيب الذى بقى فيها مع طول الكعب وهو جبهة الحفرة فان انكسر ذلك القضيب اعني الجديد الذى بقى فيها فليخرج من طرف الحفرة على وجه الارض {P.77} بقدر الاصبع ليضرب فيه اللقح، ويفعل هذا فى اول نونبر اذا كان الكرم بعلا، فان كان سقيا لم يسئل فى اول وقت تغرسه يخدم ذلك العام خدمة جيدة فيدفع اللقح فيه ذلك العام الذى غرس فيه ثمانية اشبار وعشرة ويطعم فى العام الثانى ان شاء الله تعالى. وقد يطعم فى العام الذى يغرس فيه الا انه غير كامل الغلة وهذا الذى ذكرناه من غرس الدوالى ايمن الغراسة واقرب للمنفعة ان شاء الله تعالى

صفة فى عمل الكرم واصلاحه، واذا كان الكرم مرحبا وتريد ان تغلقه بالزرجون فى العمل اليسير فالعمل فيه ان تعمد الى الدوالى التي فى الرحبة وما حول الرحاب فتحفر حولها وتغلقها10 بالحفر وتكشف عليها من كل ناحية فاذا وصلت الى اسفلها وعروقها اجلستها فى اسفل الحفرة ومددت قضبانها يمينا وشمالا ووراء وقدام ما امتدت لك تلك القضبان وتخرجها فى الاماكن الفارغة المرحبة، وتغطيها بالتراب اعني الجفنة المجلسة تفعل ذلك بكل رحبة منها فتنغلق الرحاب فى المدة اليسيرة ولا ينقطع لها عنب وتصير الواحدة من الزرجون كثيرة وتخرج من تلك القضبان فرعا واحدا بقضيبه فى مكان الجفنة من الدالية ليدل على اصلها وموضعها. فان كان بين زرجونة واخرى رحبة لطيفة فينظر الى احدى الدوالى القريبة فان كان فى اسفلها قضيب كبست من اعلى الزرجونة قضيبا تمليه مع جسد الدالية على قدر ثلاثة اشبار تحت الارض ويخرج طرفه فى المكان الرحب لان التغطيس والتكبيس لهما ايسر وايمن من غرسه لان القضيب المغروس بين الدوالى الكبار لا ينجب بينها بوجه والتكبيس غير التغطيس، لان التكبيس ما هبط من اعلى الدالية الى الارض والتغطيس هو الذى ذكرناه من الحفر حول الدالية وتغطس وتجلس  وتخرج قضبانها الى الجهات، واذا كبس القضيب من اعلى الدالية او اسفلها فانه لا يستغنى ان يتغذى من الثمرة {P.78} الا بعد ان يمضى عليه عامان، فاذا تم له عامان اكتفى بنفسه واغتذى بعروقه التي صارت له وتقطع التكابيس التي تساق من اعلى الدالية لانها تسمج الكرم وان كانت لا تضره، واما التغطيس فلا يحتاج الى القطع بل تركه على حاله أحسن لانه ربما قد يعتري فى الدالية القديمة شىء فتسقى الغذاء من هذا القضيب المكبس فيصير الغذاء متداولا بينهما ويتغذى بعضها ببعض، وهذا القضيب ايضا لا يسمج الكرم لانه لا يظهر وهو وجه جيد من العمل ان شاء الله
صفة اخرى – وهى اتخاذ الكرم من الزريعة، وجه العمل فى ذلك لمن اراد ان يجلبه من بلد الى بلد او غير ذلك ان يوخذ نوى الزبيب الطيب ويطيب له الارض بزبل رقيق بال وتعمل له احواضا ثم يزرع ذلك النوى فى تلك الاحواض كما تزرع القمح فاذا فرغ من زريعته القى عليه الحصير وجلس به لتنزل كل حبة مكانها ويطرح عليها من الرمل شىء رقيق نحو غلظ الثوب ويسقى بالماء سقيا جيدا ويتعاهد بالسقى مرتين فى الجمعة ويترك على تلك الحال عامين ثم تعد له الارض وتحفر فيها الحفر فيطلق عليها الماء ان احب سقيها

واكثر ما تنتفع الدالية بالعمارة فاذا اتفق لها العمارة الحسنة لم تحتج الى شرب الماء الا ما ينزل عليها من السماء

وتكون زراعة هذا النوى فى شهر شتنبر وهو وقت اعتدال العنب وانتهائه فى الطيب ولذلك قصد بالزراعة فى ذلك الشهر واذا زرع فى شتنبر نبت فى شهر مارس واذا دخل عليها الشتاء لم يسأل عنه

ومن اراد استعجال شىء من هذا الغرس فليعمد الى القضبان التي تنبت فى النوى بعد عام واحد فليأخذ من اقلام ذلك النبات وتركبه فى اى جنس احببت فتستعجل بذلك بركته ونفعه ان شاء الله تعالى

{P.79} وكذلك تفعل اذا كان فى الكرم ألوان من العنب لا تحمل فانك تكشف عن اصولها نحو شبر وتقطع فى ذلك الموضع ثم تركب فيها اقلاما من سائر الالوان ما تستحسنه وسنذكر صفة التركيب فى موضعه من هذا الكتاب ان شاء الله تعالى

وكذلك تفعل ايضا بالعنب المخردل وهو الصغير الحب وهو ان يوخذ من هذا العنب الذى يخردل قضبان وتركب فى الجنس الذى لا يخردل البتة واقصد منها الى التي يقارب هذا المخردل فى الهيئة والطيب والصفة لئلا تتخالف عليه الزرجونة ويستحيل عن صفتها لان العنب الذى يخردل هو اطيب العنب واعذبه والطفه واصفاه جوهرا واخفاه ماءا واكثر الزرجون مادة ويعتريه ذلك عند تنويره وذلك انه اذا نور نزل عليه الماء فاسقطه فى الارض

وايضا فان من العنب ما له نوار كثير وما له نوار قليل ومنه ما يطول فى نواره ومنه ما يعقد سريعا ومنه ما يبكر بالنوار ومنه ما لا يبكر ففى العنب الذى يبكر ويطول فيه مكث النوار ولا يعقد سريعا فهو وصفناه بالطيب والخفة وهو الذى يخردل

واما العنب الغليظ الثقيل فهو الذى ينور ويعقد سريعا ولا يبكر بالنوار ولا يطول فيه وهو الذى لا يتخردل اصلا وان خردل فانه يغلظ منه بعد ذلك ويتعلق عنقده بالعنب

وينبغى ان يكون هذا التركيب فى شهر اكتوبر وهو وقت كون الماء فيها ثم ينحصر الى اسفل فان فات هذا الوقت دبرها وقت لقحها فى شهر ابريل

فصل فى غرس الاترج – وجه العمل فيه ان يوخذ وتده فى شهر ابريل فى اوله ويكون طول الوتد نحو الذراع ويكون فى غلظه نحو نصاب القدوم وما قاربه وتعمل الاوتاد احواضا فى الارض الطيبة ليكون اسرع الى نباتها ويكون بين وتد وآخر مقدار ثلاثة اشبار ويسقى بالماء ويرغد لها به وتترك كذلك حتى يتم لها عامان فاذا كان بعد ذلك قصد الى الارض التي يراد ان ينقل اليها {P.80} ويحفر فيها حفر على قدر ما يغيب الخرز11 فيها لما12 هى كما يضاف اليها من التراب، فاذا حفرت على ما حددناه قلعت الاوتاد بجميع اصولها وفروعها والارض المتصلة بها وتنقل الخرزة بذاتها كما هي وتجعل فى الحفرة وتغيب داخلها وتسوى عليها الارض وتعتدل مع وجهها وترز بالقدم وتجلس لتتمكن الخرازة13 فى موضعها فاذا فعل ذلك بها احيل عليها الماء الكثير والزبل الطيب وبذلك يتم صلاحها

ويكون غرس الوتد فى شهر ابريل الى نصف مايه واما الجوز14 فهى فى كل وقت لان الارض تحفظها

صفة اخرى - وهى اتخاذ الغرس من الزريعة، وجه العمل فيها ان تعد لها القصارى وتملا بالتراب المدمن الاسود او تراب الارض الطيبة الرطبة اللينة وتزرع زريعة الاترج فيها وتجلس بعد ذلك باليد لتنزل كل حبة منها مكانها ثم يجعل على وجوه القصارى من الزبل على قدر نصف الاصبع وتسقيها بالماء مرتين فى الجمعة

ويكون زرع الزريعة فى شهر فبراير، ويترك كذلك حتى يتم له عام فاذا تم له عام اعتد له قصارى غيرها ويجعل فيها من تراب الارض اللينة الرطبة، ثم تفرغ القصارى التي بنيت فيها النقل برفق ويزرع النقل الذى فيها على هذه القصارى الجديدة يجعل فى كل قصرية منها نقلة واحدة، فاذا كملت القصارة بالغرس جعل على وجهها من الرمل شىء لتمسك الثرى فيها ولا تجف الارض داخلها وتترك كذلك حتى يتم لها عامان فى هذه القصارى وهى مع ذلك تواظب بالسقى فان كان بعد عامين نقلت الى المكان {P.81} الذى يراد كونها فهى وهى شجر[شجرة؟] كبير[كبيرة؟] معظمة ويكون نقلها هذا فى اى وقت امكن من الزمان لانها قد تمكنت فى القصارى وقويت ولا تسأل عن الحركة ولا تتجبر ويحفر لها الحفر عند تنقيلها غلى حسب ما وصفناه فى نقل الاوتاد وهو غرس جيد مضمون ان شاء الله تعالى

ويوافق الاترج من الارضين الطيبة اللينة والرخوة والسوداء المدمنة والارض الرملة الرطبة ويحتاج الى الماء الكثير والزبل الا انه لا يوافقه من الزبل الا البالد الرطب مثل زبل الآدمى وما شاكله.

ومما يكثر به حمل الاترج ويعذب طعمه ولين لحمه ان يحفر عند اصول الاترج حفرا خفيفا ويوخذ زبل الآدمى البالى من هو15 يحل بالماء ويسقى الاترج به فان الماء مع الزبل يغوص ويسرى فى عروقه ويقبل الغذاء من ساعته ويجذب الرطوبة الى نفسه

وفى الاترج خواص ينفرد بها دون سائر الثمار وذلك انه ينور فى كل شهر نورا جديدا ويعقد فيه ويلحق النوار16 بعضه بعضا فيكون فيه البالى والجديد

وفى الاترج حلو وحامض والفرق بينهما ان عين17 الاترج الحامض اخضر مشوب بسواد والاترج الحلو يضرب عينه الى الصفورة فهذا هو الفرق بينهما

ومن اراد اتخاذ الاترج من تكابيسه فليصنع له ما ذكرناه قبل هذا فى التكابيس وسنذكر التكابيس بعد هذا نشرحها ان شاء الله

وتحفر لها بعد النقل وذلك بعد عامين حفرا تغيب فيه الخرزة كما هى بذاتها وبما ينضاف من الارض اليها على حسب ما ذكرناه قبل هذا فى نقل اوتاد الاترج

{P.82} واعلم ان الاترج من الثمار التي لا تحمل ان يشمر لها فرع من فروعها الا ما قام فى اصولها مقدار ثلاثة اشبار لا اكثر وما زاد على ذلك فلا يمس بحديد ومتى شمرت فوق ما حددنا دخل عليها الضرر والفساد، وذلك ان الاترج زرين فيحتاج ان يترك بعضه على بعض ويغطى بعضه بعضا، فلا تجد الشمس اليه سبيلا فبهذا ترق بشرته وينحل لحمه ويلذ طعمه ان شاء الله

فصل فى غرس النارنج واتخاذه من زريعته، ووجه العمل فى زريعته ان يسلك به الطريقة التي ذكرناها فى زريعة الاترج حرفا بحرف غير ان زريعة النارنج تزرع فى شهر يناير ويكون نباتها فى مارس ويكون سقيها ثلاث مرات فى الجمعة ويجعل القصارى فى مكان يكنها عن المطر ويكون ذلك الى ان يتم له عام ثم ينقل الى قصارى اخرى على حسب ما ذكرنا فى زريعة الاترج ولا يوخذ من النارنج وتد ولا نامية ولا غير ذلك ولا يتخذ غرسه الا من زريعته وهو من الثمار التي لا يسقط ورقها وفيه منافع نذكر بعضها:

من ذلك ان النارنج حار يابس قوى فى مواده التي تكون واذا قشر النارنج تقشيرا رقيقا وقطع ذلك القشر وجعل فى قدر مزجج وطرح عليه نصف رطل من الزيت العذب بقشر نارنجة فما زاد فبحساب ذلك وتوضع الآنية فى الشمس فى فصل الحر اربعين يوما فان هذا الزيت ينفع المخدور وصاحب الريح اذا تداهن به فى الحمام وعند الشمس الحارة وادمن عليه فانه يبرأ باذن الله تعالى. ومما يعالج به ثمار النارنج اذا اعتل وتحير وتوقف ان يأخذ الرماد الاسود ورماد الحمام وشبهه ويكشف عن اصول الثمرة ويجعل عليها من الرماد الموصوف على قدر ويرد التراب عليها كما كان اول مرة فانها تصلح وترجع الى ما كانت عليه اول مرة من الغضارة والتنعم وقد تعالج ايضا بان يجعل عند اصولها شىء من دم المعز فان عدم فدم ابن آدم مثل دم المحاجم والفصد وما اشبهه ان شاء الله تعالى

{P.83} فصل فى غرس نوى الفستق، وجه العمل فيه ان تصنع له احواض ويحفر فيها حفر يكون فى عمق كل حفرة منها نصف اصبع لا اكثر من ذلك، ويكون بين حفرة واخرى ثلاثة اشبار ويجعل حب الفستق فى تلك الحفرة ويوضع عليها من الزبل حفنة لا اكثر ويكون هذا الغرس فى نصف فبراير، وينبت فى نصف مارس لا يتجاوز وقته فاذا نبت ترك حتى تمضى عليه عامان فاذا كان بعد العاملين قلعت النقلة التي قامت من النواة بخرزتها ووجه العمل فى قلعها ان يحفر حولها بالمناقش العقابية حتى تحاز النقلة بخرزتها او تنقل كما هى بارضها، وينبغى ان تلف الخرزة كما هى بحصير ويشد عليها بحبل ليلا يسقط منها شىء ويحفر لها فى الارض التي تنقل إليها يكون حمق كل حفرة منها اربعة اشبار ويكون بين حفرة واخرى عشرون ذراعا ثم تنزل الخرزة فى الحفرة كما هى ويرد التراب عليها وتسقى بالماء.

ويوافقها من الارض الجذبة المحسومة التي لا رطوبة فيها بوجه ولا تحب العمارة ولا الخدمة ولا الزبل ولا الماء الكثير واذا اكثر على انقالها بالماء هلكت وهو مخالف لجميع الثمار ويتخلق الفستق من غير نوار ولا توخذ منه تكابيس ولا نقل الا انه يترك فى اللوز وقد جربناه فوجدناه صحيحا

ومما يعالج به شجر الفستق اذا اسقط ثمره وفسد طعمه وهو ان الفستق يصلحه ما قدمناه من حال غراسته وتخير ارضه وهو ذكر وانثى ويستدل على ذلك بان الانثى تحمل وينبت ثمرها والذكر لا يحمل شيئا والسبب الذى يصير منه الذكر ذكرا هو انه اذا غرس ووقع طرف النواة المحدود منها الى فوق خرج ذكرا واذا وقع الى اسفل خرج انثى، وهو صحيح لا علة له غير ما ذكرنا فاذا حمل وأسقط بعد ان اطعم فهى داخلة دخلت عليه فحينئد يحتاج الى المعاناة

{P.84} ووجه معاناته ان يوخذ من الذهب الخالص الذى لا يشوبه شىء نحو ثمان ويقرض اربع قرضات ويكشف عن ساق الثمر نحو شبر وتسمر تلك القرضات فى ساق الثمرة من اربع جهات ثم يصرف التراب حولها كما كانت اول مرة بهذا العلاج ينبت ثمرها ولا يسقط بوجه وهو مجرب صحيح

فصل فى غرس الصنوبر واتخاذه من حبه، وجه العمل فيه ان يوخذ التراب الموافق له ويخلط اليه من الزبل شىء، وتملأ القصارى ويفرق الحب على تلك القصارى فى وجه التراب ويجلس بالكف لتنزل كل حبة منها مكانها ويطرح عليها بعد ذلك من الرمل شىء يسير نحو غلظ الاصبع وتسقى تلك القصارى بالماء وتكون هذه الغراسة فى النصف من فبراير فان فات فاول مارس ونحو ذلك فاذا نبتت تركت على تلك الحال عامين، فاذا كان بعد عامين نقلت من القصارى الى الارض التي يراد ان ينقل اليها بعد ان تحفر لها فيها حفرا يكون عمق كل حفرة منها اربعة اشبار او ثلاثة، انما تكون بمقدار ان تغيب الخرزة فيها اذا نزلت فيها ويكون بين ثمرة واخرى عشرة اذرع. ويوافقها من الارض الجبلية والحرشا الرملة وهى من الشجر المعمرة يبلغ عمرها مائتي عام ونحو ذلك وينبغى ان يكون سقيها على رفق لا يكثر عليها بالماء وهو صلاحها ان شاء الله تفعالى.

فصل فى غرس السبستان، يعرف بالمخيطا شجر هذا النبات شجرة جميلة تعظم وتدوم ولها حب طيب لذيذ الاكل يوكل اخضر ويابسا والعمل فى غراستها ان يوخذ نوى هذه الشجرة بعد ان تعدلها القصارى مملوءة بالتراب الاسود المدمن ويزرع ذلك النوى فيها وتجلس التراب بالكف لتتمكن كل نواة من موضعها ثم يطرح عليها من الرمل نحو غلظ الاصبع ،ثم تسقى بالماء وتكون هذه الغراسة فى شهر اكتوبر ويكون نباتها فى شهر مارس لا يتجاوزه فاذا انبت ترك فى موضعه الذى نبت فيه حتى تتم له عامان ثم ينقل {P.85} بعد ذلك الى المكان الذى يراد ان ينقل اليه، وتحفر له حفر عمق كل حفرة على قدر ما تكون النقلة التي تغرس فيها ويكون بين نقلة ونقلة اثنا عشر ذراعا فاذا غرست النقل فى الحفر رد التراب عليها ولا تملأ الحفرة اولا من التراب حتى يسقى النقل مرتين ويجلس التراب ويلصق بالثمرة وتتمكن هى من جلوسها وفى قبول الغذاء اللطيف من جرم التراب. ويوافق لهذه الشجرة من الارض اللينة الرخوة، ويوافقها من المواضع السواحل من اخل الاحتراق الذى يعتريه احيانا اذا كان فى البلاد الباردة الشديدة البرد وليس لهذا الشجر فى الغراسة وجه غير ما ذكرناه وهو لا يتركب فى نفسه ولا فى غيره، فاعلمه وهكذا غرس خيار شنبر كغرس المخيطا حرفا بحرف ويوافقه من الارض والهواء مثل ما يوافق المخيطا الا ان غراسته تكون فى شهر يناير ويحين نباته فى إبريل فاذا نبت وقرب فصل الشتاء حجب عنه وادخل فى البيوت المكنة بالليل ليلا ينزل عليه الجليد لان الحريق يسرع اليه ويخاف عليه ذلك فى البلاد الباردة.



 

1لعله: حذاء

2لعله: بحفرته

3في الاصل: اللئيمة

4لعله بحرزه

5لعله: يسرع

6في الاصل: غمق

7لعلها: المفلحة

8في الاصل: ويحير

9لعله: الورق

10لعلها: وتعمقها

11في الاصل: الخرز

12كما؟

13لعلها الخرزة

14لعلها: الخرز

15كذا بالاصل ولعلها: ويحل

16في الاصل: السوار

17في الاصل: غير

 

تسمية أبواب هذا الكتاب وهي ستة عشر بابا الباب الأول: في ذكر المياه الباب الثاني: في ذكر الأرضين الباب الثالث: في ذكر السرقين (السماد) الباب الرابع: في اختيار الأرض وتدبيرها الباب الخامس: في غرس الثمار الباب السادس: وهو باب جامع لمعرفة كيفية ضروب الغراسات الباب السابع: في تشمير الثمار (تشذيب الأشجار) الباب الثامن: في تركيب الثمار بعضها من بعض (التلقيح) الباب التاسع: وهو باب جامع لبعض معاني التركيب وأسراره وغرائب من أعماله الباب العاشر: في زراعة الحبوب من القطاني وما أشبهها الباب الحادي عشر: في زراعة البزور المتخذة لإصلاح الأطعمة مثل التوابل وما أشبه الباب الثاني عشر: في زراعة القثاء والبطيخ وما أشبههما الباب الثالث عشر: في زراعة البقول ذوات الأصول الباب الرابع عشر: في زراعة خضر البقول الباب الخامس عشر: في زراعة الرياحين ذوات الزهر وما شاكلها من الأحباق الباب السادس عشر: وهو باب جامع لمعان غريبة ومنافع جسيمة من معرفة المياه والآبار واختزان الثمار وغير ذلك مما لا يستغنى عنه أهل الفلاحة